(أقلي اللوم عاذل والعتابا ... وقولي إن أصبت: لقد أصابا)
والوجه الرابع: أنك قلت: معنى بيت ابن مقبل: "أقعد" بمعنى بيت أبي العلاء. وهو لا يشبه إلا في ذكر التقييد بالسيف لا غير؛ لأن ابن مقبل أراد أن يعرقبها للأضياف جودا وكرما، وأراد المعري عرقبتها ضجرا من نزاعها إلى أوطانها وتبرما. وإن غلطك في هذا لعجيب، لأن الشعر يدل على ما قلناه دلالة لا تخفى على متأمل.
ووجدناك من خطئك أنك لما وصلت إلى قوله:
(فلولاك بعد الله ما عرف الندى ... ولا ثار بين الخافقين قتام)
انكرت قولنا: إن الخافقين هما المشرق والمغرب، وكتبت في طرة الكتاب، لتعلمنا بوجه الصواب: المعلوم أن "الخافقان": جانبا الأرض من الهواء، فأردت أن تخطئنا من وجه واحد فأخطأت أنت من ثلاثة أجوه، أحدها: أنك رفعت "الخافقين" وهما منصوبان بـ"أن"، ثم صححت عليها فكان تصحيحك على اللحن أشد من اللحن. والوجه الثاني: أنك جعلت قولنا غير معروف وقولك هو المعروف. وهذا من المقلوب الذي قلناه نحن هو يعقوب بن السكيت في إصلاح المنطق. وقال مثله أيضا في كتابه "المثنى والمكنى والمبنى". وكذلك قال أبو عبيد وأبو حاتم.
1 / 43