فهذه هي الأصول التي إذا راعاها الضارب مشت أحواله ونغماته على السنن المستقيم والطريق القويم، وفاق أبناء جنسه، وكان يومه خيرًا من أمسه.
ومن كلامه على
إبانة فضل عبد الرحمن بن سيد المهندس
بسم الله الرحمن الرحيم البسائط منها مستوية وتدعى سطوحًا، ومنها غير مستوية وتسمى باسم الجنس. والبسيط الملاقي لبسيط إما أن يكون بسيطًا أو سطحًا. وكل سطح يلقى بسيط المخروط فإما أن يمر برأسه أو لا يمر.
وقد تبين في الأولى من المخروطات أن كل سطح يلقى بسيط مخروط ولا يمر برأسه فإنه يقطعه. وكل بسيط يمر برأس مخروط فإما أن يماسه أو يقطعه، فإن ماسه فإما أن يماسه على نقطة أو يماسه على خط مستقيم، فإن ذلك مما بين البرهان أن تماسه لا يكون بإحدى هاتين الجهتين، ولم يتبين ذلك أبولونيوس.
وكل سطح يمر برأس المخروط ويقطعه. وقد تبين في الأولى من المخروطات أن الفصلين المشتركين خطان مستقيمان، والقطع سطح يحسه يحده خطان مستقيمان يحيطان بزاوية هما ضلعان من أضلاع المخروط.
وإذا كان ذلك، فكل سطح يقطع بسيط مخروط ولا يمر برأسه فقد يمكن أن يمر برأس المخروط سطح مواز له. فإن كان السطح القاطع موازيًا لسطح يماس على نقطه فذلك القاطع ناقص مكان. وإن كان يماس على قطع فذلك مكان قاطعًا فالقاطع زائد.
وإذا تمسك بهذا الأصل. ثم تلي بما يقتضيه التحليل، وضح بأيسر تأمل أن لكل قطع أصناف من خطوط الترتيب يكون منها على نسب متباينة، إذا كان بعضها يقطعها بنصفين، وهي الأقطار التي ألفاها من المهندسين، وبعضها يقطعها على نسب أخر من غير أن يوجد في إثبات وجود أحدها الصنف الآخر، وعند ذلك نتصور القطوع بأقدم صفاتها بالإضافة إليها، وتترتب سائر الخواص على رتبها فلا يتقدم بعضها على بعض في المعرفة حتى يظن لذلك بأن بعضها أقدم في الوجود من بعض، وتسقط عند ذلك كثير من تلك الأشكال الكثيرة البراهين، ويكون الاعتماد في استنباط أمور أخر أعظم فائدة وأكثر تصرفًا.
وهذا النحو من النظم هو الذي وقع عليه ابن سيد المهندس فشف به على من شاركه من متقدمي المهندسين في المطالب التي شاركهم فيها. ثم إنه لم فرغ من هذا نظر في البسائط الملاقية لكل بسيط، مخروطًا كان أو غير مخروط، فوجد فصولها المشتركة ليست جملة في سطح واحد، فوضع سطوحًا تكون في بسيط الأجسام المقعرة على نسب معلومة، ثم أخذ الفصل المشترك بين السطحين نقطة، وأخرج منها خطًا على وضع معلوم إلى ذلك السطح، ثم أداره على ذلك الفصل المشترك فرسم طرفه في السطح.. إن ذلك الخط غير مستقيم ولا هو واحد من الخطوط المنحنية الثلاثة. ثم نظر في خواصه واستنبط منها أشياء، فكان نظره في هذه الأمور شبيهًا بنظر المتقدمين في الخطوط الثلاثة. غير أنه لم يتسع في العرض لممانعة عوائق زمانه ولانفراده، ويحتاج نظره إلى تتميم مناسب لتتميم نظر من تقدم.
ومما اختص بالنظر فيه ابن سيد دون من تقدم من المهندسين ما أصفه: وهو أنه يعمد إلى قطعين من أي أصناف القطوع الثلاثة كانا، ويضعهما متقاطعين، ثم يفرض نقطتين في غير سطح القطعين في ناحية واحدة منه ثم يقيم عليها مخروطين فيصير المخروطان متقاطعين ولهما فصل مشترك، ثم يقيم سطحًا يلقى سطح القطعين على زوايا قائمة، ثم يعلم على الفصل نقطة، ويخرج منها خطًا على وضع يوجبه التحليل يلقى السطح القائم، يم يدير ذلك الخط على وضعه على الفصل المشترك، ويرسم طرفه في السطح خطًا منحنيًا قوته قوة ذينك القطعين، ثم يضع أيضًا هذا القطع مع آخر من الثلاثة أو آخر في رتبته ويصنع كذلك فيكون الخط المنحني يقوي قوة القطعين، فيمر الأمر إلى غير نهاية في الطول والعرض. وبهذه الطريق استخرج كم خط نشأ بين خطين يتوالى على نسبة واحدة، وبهذه السبيل قسم الزاوية بأي نسبة عددية شاء. ويشبه توليد هذه القطوع التوليد الذي ذكره أوقليدس للخطوط في آخر المقالة العاشرة من كتابه.
وحيث انتهيت إلى مثل هذا الموضوع من الأصل وجدت ما مثاله:
1 / 3