108

Rasail Al-Sheikh Al-Hamad fi Al-Aqeedah

رسائل الشيخ الحمد في العقيدة

ژانرها

والفعال هو من يفعل على الدوام، ولو خلا من الفعل في أحد الزمانين لم يكن فعالًا، فوجب دوام الفعل أزلًا وأبدًا.
ثم إن المتصف بالفعل أكل ممن لا يتصف به، ولو خلا الرب منه لخلا من كمال يجب له وهذا ممتنع.
ولأن الفعل لازم من لوازم الحياة، وكل حي فهو فعال، والله تعالى حي، فهو فعال وحياته لا تنفك عنه أبدًا وأزلًا.
ولأن الفرق بين الحي والميت الفعل، والله حي فلابد أن يكون فاعلًا وخوله من الفعل في أحد الزمانين: الماضي والمستقبل ممتنع، فوجب دوام فعله أزلًا وأبدًا.
فخلاصة هذه المسألة أنه إذا أريد بالتسلسل دوام أفعال الرب فذلك معنى صحيح واجب في حق الله، ونفيه ممتنع.
٣_وإذا أريد بالتسلسل: أنه تعالى كان معطلًا عن الفعل ثم فعل، أو أنه اتصف بصفة من الصفات بعد أن لم يكن متصفًا بها، أو أنه حصل له الكمال بعد أن لم يكن فذلك معنى باطل لا يجوز.
فالله ﷿ لم يزل متصفًا بصفات الكمال صفات الذات، وصفات الفعل ولا يجوز أن يُعتقد أن الله اتصف بصفة بعد أن لم يكن متصفًا بها؛ لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفة نقص؛ فلا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفًا بضده.
قال الإمام الطحاوي ×: =ما زال بصفاته قديمًا قبل خلقه لم يزدد بكونهم شيئًا لم يكن قبلهم من صفته.
وكما كان بصفاته أزليًا كذلك لا يزال عليها أبديًا.
مثال ذلك صفة الكلام؛ فالله ﷿ لم يزل متكلمًا إذا شاء.
ولم تحدث له صفة الكلام في وقت، ولم يكن معطلًا عنها في وقت، بل هو متصف بها أزلًا وأبدًا.
وكذلك صفة الخلق، فلم تحدث له هذه الصفة بعد أن كان معطلًا عنها.
٤_وإذا كان المقصود بالتسلسل: التسلسل في مفعولات الله ﷿ وأنه ما زال ولا يزال يخلق خلْقًا بعد خلق إلى ما لا نهاية فذلك معنى صحيح، وتسلسل ممكن، وهو جائز في الشرع والعقل.
قال الله تعالى: [أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ] (ق:١٥) .

4 / 38