رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
ژانرها
وأحكمته؛ وأن عهدي بهذا العقل أنه نافذ دهي ذو حرب وسلم في أساليب الحكمة والسياسة، ولكن الإنسان يبتلى ثم يبتلى ليعرف أن كل ما فيه إن هو إلا وديعة الغيب فيه؛ فما شاء الله نفع وإن كان سببا من الضر، وما شاء الله ضر وإن لم يكن إلا نفعا؛ والأسباب كالعمر لا يملك الإنسان استمراره لحظة واحدة وقد يستمر على ذلك ما يستمر.
إن وصفها لهم جديد وإنها الآن في نفسي غير من كانت، فالكتابة عنها ضرب من العنت كالترجمة من لغة إلى لغة فلولا كان ذلك والهوى متفق؟ ولكن يا شمس السماء مجي من ريقك على هذا القلم حتى ينسج وشيه وزخرفه، واجمعي في هذه الصحيفة نور الابتسام وماء الدمع ، وأخرجي منهما ما يخرج النبات من الضوء والماء زهرا وثمرا وورقا أخضر ... وحطبا يابسا بعد ... •••
أما إنها فتنة خلقت امرأة فإذا نظرت إليك نظرتها الفاترة فإنما تقول لقلبك إذا لم تأت إلي فأنا آتية إليك؛ خلقت مقدرة تقديرا كأن كل شيء فيها وضع قبل خلقه في ميزان الجمال ووزن هناك بأهواء القلوب ومحابها، وكأنها بعد أن تم تكوينها أرسلت الملائكة في دمها نقطة عطر فهي تنفح على القلوب برائحة الجنة، وهي أبدا تشعر أن في دمها شيئا لا يوصف ولا يسمى، ولكنه يجذب ويفتن فلا نراها إلا على حالة من هذين حتى ليظنها كل من حادثها أنها تحبه وما بها إلا أنها تفتنه.
رشيقة جذابة تأخذك أخذ السحر؛ لأن عطر قلبها ينفذ إلى قلبك من الهواء؛ فإذا تنفست أمامها فقد عشقتها.
وتراها ساكنة وادعة أمام عينيك، ولكن قلبك يشعر أنها تهتز فيه وتضطرب فلا يزال قلقا نافرا يتململ.
أما أنوثتها فأسلوب في الجمال على حدة؛ فإذا لقيتها لا تلبث أن ترى عينيك تبحثان في عينيها عن سر هذا الأسلوب البديع فلا تعثر فيهما بالسر ولكن بالحب، وإذا كنت ذكيا فأضافت إلى ما فيها من بواعث الهوى إعجابها بك فقد أحكمت لك العقدة التي لا حل لها.
ومهما تكن من رجل باذخ فإنك بإزائها ترى كيف ينقاد جزء من الطبيعة لجزء من الطبيعة فلا براءة لك ولا مخرج من حبها؛ ومهما تكن من جبل شامخ فإنك تتهافت تحت أشعة عينيها كما تتدحرج جبال الثلج في القطب إذا زاحها عما حولها شعاع رقيق من أشعة الشمس تتنهد فيه نسمة ضعيفة.
وهي في لونها ذات بياض أسمر محمر وضيء يغترق العين حسنا، وكأن ائتلاف الألوان الثلاثة فيها جملة مركبة من لغة النور والهواء والحرارة، معناها الجمال القوي الصحيح، هيفاء ملتفة لم يهبط جسمها ولم يرب
3
تملأ قلبك كما تملأ ثوبها، وتتمايل أعطافها فلو خلق غصن البان امرأة لمشى يتهادى في مثل مشيتها، وتنظر نظرة الغزال المذعور ألهم أنه جميل ظريف فلا يزال مستوفزا يتوجس
صفحه نامشخص