رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
رسائل الأحزان: في فلسفة الجمال والحب
ژانرها
9
في الأمواج الإلهية العظمى التي لا تنتهي أعماقها؛ فيغوصون ويخرجون وفي أيديهم أفلاذ الحكمة ولآلئها؛ ومن شفتي المرأة الجميلتين يخرجون للناس كلام السموات.
أما الآخرون ... فتلك عقول كادها بارئها.
10
عقول الناموس الأصغر العامل في حرث الأرض
11 ... يضم أحدهم يديه على الجمال فيتلقفه فيجعل أصابعه أعواد القفص لهذا الطائر ويقول له: لطالما التمستك في جو السموات، وطالما كنت وكنت فهاهنا فاستقر، ولا يراه بعد قليل إلا كما اغترف غرفة من الموجة؛ كانت حركة تفور فأصبحت سكونا هامدا، وكانت ملء البحر فصارت ملء الكف، وكانت موجة فصارت ... آه فصارت بصقة ... •••
أقول لك أحببتها لا كهذا الحب الذي تراه وتسمع به في رواية تبتدئ وتنتهي في جزأين من رجل وامرأة؛ ولا كالحب الذي يؤلفه الكتاب والشعراء حين يجمعون عشرين معنى في كلمة، أو يرسلون عشرين كلمة لمعنى ... ولا كالحب الذي يباع ويشرى فتأخذ منه بالدينار أكثر مما تأخذ بالدرهم ... ولا كالذي تجيئه وأنت من الإشراق والنور كزجاجة الخمر فيعيدك وأنت من الظلمة والسواد كزجاجة الحبر ... أحببتها ولا كالحب نفسه، منذا الذي قال: «من يهلك نفسه من أجلي يجدها»؟ أظنه المسيح، وقد كانت هي تتمثل بها كثيرا؛
12
ولكن هذه الكلمة بعد كلمة الحياة الأزلية التي تقول للناس حين يشكون فيها: موتوا لتعرفوا، كلمة الجمال الأعلى الذي يقول للشمس حين تصفر: أغربي لتصبحي بيضاء حية في النهار، كلمة الحب الصحيح الذي يقول للمبتلى به: تعذب لتعرف كيف تتخيل السعادة وتتمناها، كذلك تراني لا أحب إلا لثلاث: لأعرف وأحس وأتخيل؛ ولا أهلك بالحب إلا لثلاث: لأوجد في نفسي وأبقى في نفسي وأضم نفسا إلى نفسي. •••
أفهمت أيها الصديق أم أزيدك؟ هأنا أهبط عليك من الفلك الذي تقول إني لمسته حين لمست قلبها، فاعلم أني لا أحب فيها شيئا معينا أستطيع أن أشير إليه بهذا أو هذه أو ذلك أو تلك؛ حتى ولا «بهؤلاء» كلها ... إنما أحبها؛ لأنها هي هي كما هي هي، فإن في كل عاشق معنى مجهولا لا يحده علم ولا تصفه معرفة، وهو كالمصباح المنطفئ ينتظر من يضيئه ليضيء فلا ينقصه إلا من فيه قدحة النور
صفحه نامشخص