رب زدني علما ياكريم وأجعل البسمله لي براة من عذاب الجحيم نقل عن فتاوي النوازل للإمام أبي الليث رحمه الله سئل محمد بن مقاتل الرازي عن رجل ابتدأ قراء سورة براءة ولا سمى هل هو خطأ فقال هو خطأ إلا أن يدمجها الأنفال وقال أبو القاسم الصحيح ما قال محمد بن مقاتل لأن رجلا لو أراد أن يبتدئ قراءة آية أو سورة من السور كان مأمورا بأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتبع ذلك بسم الله الرحمن الرحيم فكذلك إذا ابتدئ سورة التوبة انتهى وقد تعلق بظاهرة من توهم أن البسملة من أول براءة قول أبي حنيفة رضي الله عنه وأن هذا هو المذهب وأنا أقول وبالله أصول أن هذا لفظ باطل مخالف للكتاب والسنه وأجماع الأمة وتفصيله بطول ومجمله أن الأئمة الأربعة منهم من نفى كونها من القرآن كالأمام مالك وأتباعه ومنهم من أثبت وهو الإمام الشافعي واشياعه وعلماؤنا المحققون على أنها آية نزلت للفصل ولا شك أن بسملة أول براءة ووسط النمل خارجة عن المبحث اتفاقا وأما امامنا الأعظم فليس له نص في السئلة هذا وقد صرح قاضي خان أن البسملة عندنا ليس من الفاتحة فإذا كان المذهب أنها ليست منها مع كونها فاتحة الكتاب ومثبته في جميع المصاحف العثمانية وغيرها وقد ثبت قراءة البسملة منها بطرق صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة وخارجها وتقرر في المذهب أن قراءتها سنه بالأتفاق بل وواجبه عند بعضهم في أول ركعات الصلاة على أختلاف في بينتها وأن المقيد عدم قراءتها بين الفاتحة والسورة فهل يتصور كونها من أول براءة وترك قراءتها خطأ هذا لا يقبله العقل السليم والذوق الفهم بل في المنقول ما يدل على بطلان هذا القول السقيم وبيانه أن القراء أجمعوا على أنها ليست من براءة وأتفقوا على أنها تقرأ في أول سورة ابتدى بها الا براءة وخير والقاري في أجزاء السور بين الاتيان بها وتركها الا في اثناء براءة فأنهم أختلفوا فيها والمعتمد عدم الجواز نعم شرذمة قليلة منهم بطرق شاذة جوزوا قراءتها في أول براءة لكن لا لكونها منها بل للتبرك أو لغيره من العلل الأتية قال السخاوي قال جواز التسمية في أول براءة حال الابتدا بها هو القياس يعني لا المنقول المنصوص الذي عليه الأساس قال لأن أسقاطها أما لأن براءة نزلت بالسيف أو لعدم قطعهم يعني الصحابة رضي الله عنهم بأنها سورة مستقلة فالأول مخصوص ممن نزلت ونحن إنما نسمي للتبرك وعلى الثاني نجوزها لجوازها في الأجزاء وقد علم الغرض من اسقاطها فلا مانع عنها وقال المهدوي وأما براءة فالقراء مجمعون على ترك الفصل بينها وبين الأنفال بالبسملة وكذلك أجمعوا على ترك البسملة في أولها حال الابتداء بها سوى من رأى البسمله حال الابتداء باوساط السور فإنه يجوز أن يبتدئ بها من أول براءة عند من جعلها هي والأنفال سورة واحدة ولا يبتدي بها عند من جعل السيف علة لها وقال إبن شبطا ولو أن قارئا ابتدأ قراءته من أول التوبة فاستعاذ ووصل الاستعاذه بالبسملة متبركا بها ثم تلا السورة لم يكن عليه حرج أن شاء الله كما يجوز له إذا ابتدأ من بعض السورة أن يفعل ذلك وإنما المحذور أن يصل آخر الأنفال بأول براءة ثم يصل بينهما بالبسملة لأن ذلك بدعه وضلاله وخرق الأجماع ومخالف للمصاحف انتهى وهذا كله يدلك على أن قراءتها عندهم ولم يقل أحد بأن تركها خطأ فينبغي أن يحمل قوله على ارادة المبالغة بناء على زعمه المختار عنده هذا القول الشاذ أو على الخطأ في العباره وبطريق المشاكله لكلام سائل المسئله ثم استثناؤه صريح منه أنه تبع الشرذمة وأنه لم يرد من قراءة البسملة في أولها كونها منها والا لاستوى الادراج وغيره ويدل عليه تعليل المصحح أيضا لكن قد عرفت أنه مأمور في اوائل السور * مخير في اثنائها فلا يطابق مدعاه بأن تركها خطأ فملخص الكلام ومخلص المرام أن هذا قول شاذ مبني على قياس غير صحيح موهم أن يكون البسملة من أول براءة وهو مع ذلك بحمد الله الملك الجبار ساقط عن حيز الأعتبار في عمل جميع أهل الديار حتى في كتاب الصغار وما ذاك الا بوعده تعالى حيث قال أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون وباخباره صلى الله عليه وسلم أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنه من يحدد لها دينها فافتح بصرك للأنصاف وأغمض عين الأعتساف وأنظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال وتأمل ما صح عن أبي هريرة أنه قال لايحل لأحد أن يغني بقولنا مالم يعلم من اين قلنا وقد ثبته الشافعي في هذا المقال بقوله إذا صح الحديث فهو مذهبي وأضربوا في الحائط قولي وهذا ما ظهر لي في الجواب والله أعلم بالصواب وإليم المرجع والماب وأنا افقر عباد الله الغني المغني علي بن سلطان محمد الهروي القاريء الحنفي عاملهما بلطفه الخفي وكرمه الوفي حامد الله أولا وآخرا ومصليا ومسلما باطنا وظاهرا .
نقلته من خط مؤلفه عاملنا الله بتلطف
صفحه ۶۵