بسم الله الرحمن الرحيم رب زدني علما ياكريم الحمد لله أولا وأخرا وباطنا وظاهرا والصلاة والسلام على أول الموجودات وأفضل المخلوقات وعلى آله وأصحابه الصافين ببابه والحابين حول جنابه أما بعد فيقول المفتقر إلى ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري قد قال الله تعالى والصافات صفا أقسم بالملائكة الصافين في مقام العبودية للقيام في الربوبيه أو بنفوس العلماء الصافين في العبادات الجامعين بين العلم والعمل في جميع الحالات أو بنفوس الغزاه الصافين في الجهاد الواقعين لفتح البلاد وقد قال عز من قال حكاية عن الملائكة * بن بالعباده وأنا لنحن الصافون أي في اداء الطاعه وقضاء الخدمة وقال عز وعلا أن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وسبيله يشمل طريق الغزاه وفريق الصلوة وقال جل جلاله وعظم نواله ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب على الصف الأول فأزدحموا عليه فنزلت وقيل أن أمرأة حسناء كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم بعض القوم لئلا ينظر إليها وتأخر بعضهم ليقع نظره عليها فنزلت وقد ورد أحاديث كثيرة في هذا الباب استيعابها يغض إلى الأطناب منها قوله عليه السلام أن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم رواه أحمد والنسائي والضياء عن البراء وفي رواية للنسائي على الصفوف المتقدمه ومنها قوله عليه السلام أن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ولا يصل عبد الا رفع الله بها درجة رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام الا تصفون كما يصف الملائكة عند ربها يتمون الصفوف الأول ويترمون في الصف رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وإبن ماجه عن جابر بن سمره ومنها قوله عليه للصف الأول فضل على الصفوف رواه الطبراني في الكبير عن الحكيم بن عمير ومنها قوله عليه السلام عليكم بالصف الأول وعليكم بالميمنة واياكم تصف بين السواري رواه الطبراني عن إبن عباس ومنها قوله عليه السلام لو يعلم ما في الصف الأول ما كانت الا قرعه رواه مسلم وإبن ماجه عن * ومنها قوله عليه السلام أقيموا الصفوف فإن أقامة الصف من حسن الصلاة رواه مسلم عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام ان من تمام الصلاة أقامة الصف رواه أحمد عن جابر ومنها قوله عليه السلام خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء حر ومرها أولها رواه مسلم عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام لايزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يوجزهم الله في النار رواه أبو داود عن عائشة ومنها قوله عليه السلام من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذى مسلما فصلى في الصف الثاني أو الثالث اصفف الله له أجر الصف الأول رواه الطبراني في الأوسط * عن إبن عباس ومنها أنه عليه السلام كان يستغفر للصف المقدم ثلاثا وللثاني مره رواه إبن ماجه عن أبي جعفر ثم الأول ضد الآخر وأختار صاحب القاموس انه من وال مهمور العين فوزنه أفعل وأصله اؤل قلبت الهمزة الثانية * دغمت وهذا ظاهر وإليه ذهب الكوفيون وقيل وزنه فوعل وأصله * فقلبت واو الأولى وهي فاء الفعل همزة ثم قلبت الهمزة الثانية وهي عين الفعل واوا ثم ادغمت الواو في الواو وذهب سيبويه أنه لفيف مقرون وأن فاءه وعينه ولان فوزنه فوعل وأصله ووول وقيل أنه أحرف مهموز الفاء فوزنه أفعل وأصله اعول ويترتب على هذا الأصل أختلاف الصرف وعدمه في هذا الفصل مما لايخفي على أهل الفضل والأظهر أنه أفعل التفضيل بمعنى الأسبق * ولا يكونوا أول كافر به وقال عز وجل والسابقون الأولون ثم الأول * مسبوقا بأن لا يتقدم عليه غيره وجود أو شهود أو هذا متفق عليه وضدا وعرفا وشرعا فالأول الحقيقي هو الله سبحانه فأنه لا بداية لاوليته كما أنه الآخر بمعنى لا نهاية لاخريته والأول الأضافي روح نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أو * ثم الأول يستعمل في الزمان والمكان وغيرهما فمن الأول حديث * وفترضون الله ووسط الوقت رحمه الله وآخر الوقت عند الله رواه الدار قطني عن أبي محذوره ومنه حديث أول شهر رمضان رحمه واوسطه مغفره وآخره عتق من النار رواه إبن عساكر وغيره عن أبي هريرة ومن الثاني ما ورد في فصل الصف الأول ثم أنه في غير المسجد الحرام من المساجد العظام لايتصور إلا لمن يلي الإمام وأما المسجد الشريف والمحل المنيف الذي سماه مساجد الله بصيغة الجمع أما للتعظيم وأما لكونه قبله العالم ومحراب مساجد تأدم وأما لأن جهاته الأربعة المكرمة بمنزلة مساجد حول الكعبة المعظمة وأجمع علماء الأنام على جواز كون المقتدى بالإمام في غير جهته أقرب منه الى الكعبة في المقام لأن المتقدم في كل جهة حيث لم يكن قبله صفا آخر موصوف بانه في الصف الأول خلافا لبعض العوام وانما مال بعض الفضلاء الحنفية تبعا لبعض العلماء الشافعية أن الأفضل من الصف الأول هو الذي يكون خلف الإمام ولو كان بعيدا عن قرب بيت الله الحرام وأنا أقول وبحول الله أصول أن الوقوف في الصف الأول بقرب البيت المكمل هو الأفضل من * فتأمل منها قرب الكعبة فأن الصلاة والطواف والأعتكاف كلما يكون إلى جانبها أقرب وهو أفضل وأنسب ومنها أن حد المطاف لا يشبه غيره من الأوقاف فأنه وقف مالكا لملك خلاف ما سواه فأنه من تصرفات ارباب الملك فالعباده في وقف مولانا أطيب منها في وقف واحد منا ومنها أنه المسجد القديم وهو أحد المرجحات القويم وقد قال تعالى أن أول بيت وضع للناس الذي ببكه مباركا وهدى للعالمين وقال المسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ومنها أنه محل مضاعفة الثواب من غير خلاف بخلاف خارج حده من هذا الباب ومنها أنه يحصل فيه المشاهده أيضا ففي الحديث أنظر إلى الكعبة عبادة رواه أبو الشيخ عن عائشة وقد وردت نظرة إلى الكعبة ساعة كعبادة سبة بخلاف خلف الإمام في ذلك المقام فأن الأفضل فيه أن ينظر إلى موضع سجوده وهو يمنعه من بحال شهوده ولأنه لو نظر إليها لا يشتغل بالطائفين وغيرهم لديها فيحصل الجمع بين المشاهده والمجاهده حول الكعبة وقتها ان ملك التي جعلوها مقام الإمام فيها شبهه من جهة ملكها ووقفها وأخذها في يد أهلها وثمن مادفع في مقابلها بخلاف المطاف حول الكعبة وحيالها ومنها البعد عن ائمة هذا الزمان كما صرح علماء هذا الزمان أن البعيد عن الخطيب أفضل من القريب لما يرى عليهم من المنكرات الواقعة لديهم ولو في مشاهدة العمائم الكبيرة كالابراج وملاحظة الأبهام الوسطية الطويلة كالاخراج وغير ذلك مما يستحقون التغرير بالأخراج ومنها عدم سماع قرأتهم وأطلاع تلاوته في الحانهم من قصادهم وزيادتهم وعدم وقوفهم في محال وقوفهم ووصلهم في * لأسماوهم * باطالتهم في مقام عبادتهم وموصوفون بسمات رويتهم وسمعتهم ومنها أن نفس قيام الامام ومن تبعه من الانام في ذلك المقام خلاف الأولى فأن ترك المقام الأعلى الذي كان يصلي فيه عليه السلام وصحابه الكرام مع ماسبق فيه من الفضائل الفحام لاشك أنه مكروه كراهة نزنه في نظر الأعلام ولهذا أفتى جماعة من الفقهاء بهدم المقامات المحدثه واعتبر آخرون نابغا نفع المسلمين عن الحر والمطر واختاروا أن ابقاءها * بجملة ومنها أن قرب الكعبة غالبا يصلي على الأرض الطاهرة وهو أفضل من صلاة على سجاده وغيرها في الرواية الظاهرة ومنها أن قرب الكعبة أبعد من * ومن التزام موضع بخصوصه الشعر بالشهره وبهذا بين أن الصف المتأخر من حول بيت الله الحرام أفضل من الصف المتقدم في المقام المختص بالإمام باعتبار بعض الاعتبارات المصوره وبعض الحيثيات * ، ومما يتوزع على هذا الأصل أن من صلى في آخر المسجد من غير جهة الإمام ولم يكن حول الكعبة صف فقد صلى في الصف الأول وقد صف الذي في المقام إذا تجاوز عن جهة الإمام فيه أو يسرة وكان حول الكعبة صف لايكون القدر المتجاوز عن الصف الأول فقد يرو تأمل * أي جهة من جهات الكعبة أفضل وثواب العبادة فيها أكمل فأقول قد * بجانب الغربي أفضل في هذه المسئلة لانه يقع بين الامام في تلك الحاله وقد يقال بين الركنين لحيازة الفضيلة بين المقامين ولأنه عليه السلام كان على نحو قبل الهجرة فأنه مشتمل على القبلتين وقد يقال جهة الباب المحترم لأنتماء على الملتزم واحتوائه بالمعجز الأعظم والحجر المكرم وانطوائه على مقام قبر عليه السلام الذي فيه ام النبي عليه الصلاة والسلام في ربين من الامام اعلاما باوائل الاوقات وادائها وقد قال تعالى ولكل وجهه هو ومنها فاستبقوا الخيرات والمعنى لكل أمة قبله أو لكل جماعة من المسلمين جانب وجهة من الكعبة والتنوين بدل الأضافة هو موليها أي العبد موليها وجهة أو الله تعالى موليها أباه وقرأ إبن عامر بفتح اللام أي هو مولى ذلك الجهة قد وليها فاستبقوا الخيرات أي فتبادروا إلى أحسن الجهات وايمن الطاعات أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا أي أين ما تكونوا من الجهات المتقابلة يأت بكم الله جميعا ويجعل صلواتكم كأنها إلى جهة واحدة في المرتبة الفاصلة أن الله على كل شيء قدير من التفرقة والجمع الكثير وباجابة عبيده دقيق وجدير وقد قال إبن جريج قلت لعطاء بن أبي رباح إذا قل الناس في المسجد الحرام بما أحب اليك أن يصلوا خلف الأمام أو يكونوا صفا واحدا حول الكعبة فقال أن يصلوا صفا واحدا حول الكعبة انتهى والمراد بخلف الأمام الى * بخلف المقام ومفهومه أن الناس إذا كثروا يتعين كونهم صفا واحدا حول الكعبة وبهذا يعلم أن في زمنه عليه السلام كان مع أصحابه الكرام يصلون حول البيت الحرام إذ لاشك ولا شبهه أن جميع الصحابه ومن كان بمكة في حجة الوداع وقد بلغوا مائة وعشرين ألفا مايتصور أن يسع بجماعته في وقت صلاته جهة واحدة لاسيما إذا صلى خلف المقام على أنه ورد أنه عليه السلام أمر أمرأة أن تطوف وراء المصلين في تلك الأيام وأماما نقل من أن أوله من ادار الصفوف حول الكعبة عبد الله بن الزبير أو غيره فلعله محمول على البقية خاصة أو يقال كان أهل مكة بعده عليه السلام اختاروا جهة الباب حيث يسعهم وكانوا قليلين فرأى إبن الزبير أن التحليق أولى مع القله أيضا ليحصل الصف الأول من تبلغ الجهات وترتب عليها زيادة المثوبات والله أعلم بحقيقة الحالات هذا وأصل الحرام في هذا المقام أكل الحلال واجتناب الحرام من المال قال تعالى كلوا من الطيبات وأعملوا صالحا أي من العبارات فان الذي يصلي في الصف الآخر ربما يكون أفضل ممن يصلي في الصف الأول فتأمل ولا تنظر بعين الحقارة لايجد في هذا المحل وقد كان بعض السلف يسبق الناس في الاتيان ويثاب عنهم في وقوف المكان لما ظهر له الحكمة والمصلحة في هذا الشأن وفي ذلك الزمان ثم الأولى والاجم تصحيح الأعتقاد على الوجه الأثم والاحتراس والاحتراز عن الخروج عن الدين الأقوم وسأل الله سبحانه الخاتمة الحسنى والحاله الاسنى واللحوق بالرقيق الاعلى من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
صفحه ۶۲