* وأما ما يرويه من لا عقل له يميز به ما يقول، ولا له إلمام بمعرفة المنقول: من أن أهل البيت سبوا، وأنهم حملوا على البخاتي، وأن البخاتي نبت لها من ذلك الوقت سنامان: فهذا الكذب الواضح الفاضح لمن يقوله.
فإن البخاتي لا تستر امرأة، ولا سبي أهل البيت أحد، ولا سبي منهن أحد.
بل هذا كما يقولون: الحجاج قتلهم.
* وقد علم أهل النقل كلهم.
أن الحجاج لم يقتل أحدا من بني هاشم، كما عهد إليه خليفته عبد الملك، وأنه لما تزوج بنت عبد الله بن جعفر: شق ذلك على بني أمية وغيرهم من قريش، ورأوه ليس بكفء لها، ولم يزالوا به حتى فرقوا بينه وبينها.
بل بنو مروان على الإطلاق لم يقتلوا أحدا من بني هاشم، لا آل علي، ولا آل عباس، إلا زيد بن علي (١) المطلوب بكناسة الكوفة، وابنه يحيى.
* الوجه الخامس أنه لو قدر أنه حمل إلى يزيد فأي غرض لهم في دفنه بعسقلان، وكانت إذ ذاك ثغرا بقيم بها المرابطون؟ فإن كان قصدهم تعفية خبره فمثل عسقلان تظهره، لكثرة من ينتابها للرباط، وإن كان قصدهم بركة البقعة فكيف يقصد هذا من يقال: إنه عدو له مستحل لدمه، ساع في قتله؟ * ثم من المعلوم: أنه دفنه قريبا عند أمه وأخيه بالبقيع أفضل له.
الوجه السادس أن دفنه بالبقيع: هو الذي تشهد له عادة القوم، فإنهم كانوا في الفتن، إذا قتل الرجل فيهم - لم يكن منهم - سلموا رأسه وبدنه إلى أهله، كما فعل الحجاج بابن الزبير لما قتله وصلبه، ثم سلمه إلى أهله.
* وقد علم أن سعي الحجاج في قتل ابن زبير، وأن ما كان بينه وبينه من الحروب: أعظم بكثير مما كان بين الحسين وبين خصومه، فأن ابن زبير ادعاها بعد مقتل الحسين، وبايعه أكثر الناس، وحاربه يزيد حتى مات وجيشه محاربون له بعد الحرة.
_________
(١) وقد خرج على هشام بن عبد الملك بن مروان لينتزع الملك والخلافة منه فقتله هشام بن عبد الملك في صفر سنة ١٢٢ هـ.
(*)
1 / 208