قالت: نعم أعرفه وما تفيدني معرفته. بالله عليك لا تذكري الغرام الآن. إني لا أشعر بعاطفة الحب ولا يهمني أحبني الناس أو أبغضوني.
فابتسمت العجوز ابتسامة الاستخفاف وقالت: ياللعجب ما أكثر لجاجتك.. قلت إنك تعرفين سعيدا فهل تحبينه.
فأجابت على الفور لا لا.. لا أحبه ولا أحب سواه.. إن قلبي لا يشتغل اليوم إلا بالبغض. إني أبغض بعض الناس ولا أحب أحدا.
قالت: ولكن إذا كان لابد من الانتقام فيجب أن تحبي سعيدا.
قالت : كيف أحبه وقلبي لم يبق فيه مكان لغير البغض والحقد إني حاقدة ناقمة.
قالت: أنا أعلم ذلك ولكن أحبي سعيدا ولو مؤقتا وهو ينتقم لك.
فبغتت قطام ونظرت إلى العجوز وجعلت تتفرس في سحنتها لتتحقق أنها تتكلم الجد فلما آنست الجد في لهجتها قالت: وهل تقولين حقا هل يقدر هذا الرجل على ركوب هذا المركب الخشن..
قالت: إني أجعله يركبه فإذا لم يكن أهلا له فليس أهلا لحبك.. ما رأيك؟
فصمتت هنيهة ثم قالت. أأحبه. نعم أحبه ولو إلى أجل قريب.. ولكني لا أظنه أهلا لهذا العمل بل لا أحسبه يقدم عليه. ولكن قولي لي العلك تتكلمين من عند نفسك أم أنت على يقين مما تقولينه.
فاعتدلت تلك العجوز المحتالة في مجلسها ونظرت إلى قطام نظر الاهتمام وقالت: اعلمي يا حبيبتي أن سعيدا هذا قد علق بك وأحبك منذ أعوام ولكنه لم يكن يجسر على مخاطبة المرحوم والدك بشأنك لأن والدك كان يومئذ في جملة القائمين بنصرة علي. وسعيد كما تعلمين أموي أي أنه ممن نقموا على علي وقاموا للمطالبة بدم عثمان.
صفحه نامشخص