فابتدرته وهي تتظاهر بالبغتة والاستغراب وقالت «وأي أعداء تعني .... أعوذ بالله من هذه التهم ... كيف تقول ذلك ... ... وتنحت عن المائدة وتظاهرت بالإعراض».
فقال «اعترف لك إني أراك ميالة إلى حزب العلويين وأنت تعلمين أن عليا حاربنا وقتل منا جماعة كبيرة في النهروان وغيرها.. ولا ألومك لانعطافك نحوه لأنني كنت أيضا مثلك وقد كنت في جملة المتشيعين له. ولكنني أصبحت بعد واقعة صفين ناقما عليه لما ارتكبه في مسألة الحكمين بحيث أخرج الخلافة من يده وجعل لمعاوية يدا دونه ....»
الفصل الخامس والسبعون
خبر جديد
فأدركت أنها إذا أقرت بحقيقة ميلها ألقت نفسها في تهلكة فلم تر خيرا من المبالغة في الإنكار وقالت «وما أدراك إني مازلت على القديم إذا كنت قد عدلت عنه ومن أكون أنا حتى أخالفك في مثل ذلك».
قال لو لم تكوني كذلك لما كان ثمت داع لتمنعك على القبول بابن ملجم زوجا وأنت تعلمين أن هذا الرجل قد عاهد نفسه على القيام بعمل لم يقدم عليه احد غيره من المسلمين في هذا العصر. إنه كما تعلمين قد تعهد بقتل علي ....»
فأجفلت عند سماعها ذلك التعريض وحدثتها نفسها أن تبوح بحقيقة ميلها ولكنها خافت ضياع الفرصة وهي إنما افتتحت الحديث لتستطلع ما في نفس والدها فأنكرت تهمته كل الإنكار وقالت «إن ما تنسبني إليه من أمر ابن ملجم ظلم يا مولاي فإني لم أرفض هذا الرجل وهو لا يزال خطيبي متى عاد من رحلته هذه. وكيف تقول إني لم أقبل به وأنا لم أفه بكلمة في هذا الموضوع».
فضحك والدها وهو يتشاغل بتقطيع فخذ من الضأن بين يديه وقال وهو ينظر إلى تلك الفخذ «نعم إنك لم تفوهي بكلمة ولكنني فهمت من مجمل حالك أنك غير راضية به» وكان قد أتم تقطيع اللحم فقدم لها قطعة فأبت أن تتناولها وأعرضت دلالا وحنقا.
فقال لها «خذي كلي يا خولة ولا يسوءك قولي إذا كان صحيحا».
قالت «وهو إنما ساءني لآني أراني به مظلومة وأظنك بناء على هذه الظنون قد عاملتني معاملة العدو فحبستني في ذلك البيت المظلم سامحك الله».
صفحه نامشخص