تحدث كثيرا، لكنه لم يسمع ردا.
هكذا - قال لنفسه - يأتون كما شاءوا ويمضون؟!
شرب مزيدا من جعة الأناناس، خرج، سمع نباح كلب يأتي من داخل الكهف لكنه لم يكترث كثيرا لذلك، أنا لست في حاجة في هذا الصباح لفلوباندو ولا سنيلا. يحتاج لمن يرتب فوضى حياته، يعيد جدولة أحزانه، يريد أمه، نعم، أمه فقط. كان يحس بفراغ أمه فيه كبيرا وشاسعا، رطبا كجو الدغل، محشورا ممطرا لكنه هلامي أيضا، فوضى، فوضى، فوضى، فوضى!
كيف انزلق في هوة الفوضى؟ هل النساء هن اللائي زحلقنه في جوفها ؟ أي نساء؟! أهو الذي خطا نحو بئر لا غرار لها؟ أي بئر؟!
فوضى، فوضى، فوضى، فوضى، أي فوضى؟
كان دائما ما يأخذ معه فأسه كسلاح ضد المخافات المتوقعة، ولو أن فلوباندو أخبرته أن هذا الجزء من الدغل هو أقرب إلى غابة عادية منها إلى دغل، لاحظ بنفسه ذلك؛ الأماكن المحيطة بالقرية هي أماكن مفتوحة تعرضت للتعرية والقطع بواسطة شركة الأخشاب الوطنية التي كان لها نشاط ملحوظ في هذا المكان خلال سنين كثيرة مضت. وأيضا تقول له فلوباندو: المحاربون دائما حولك، في مكان ما، فلا تخف شيئا.
ولو أنه اعتبر أن ذلك ضرب من التهديد، إنها تريد أن تقول لي: إياك إياك أن تهرب. •••
ماذا يفيدك الذهاب إلى أكواخ آل جين؟ ماذا يفيدك البقاء هنا أو التجول في الغابة؟ ماذا يفيدك الذهاب إلى البحيرة؟
كل شيء مثل كل شيء، الضجر والوحدة يشبهان الضجر والوحدة، لكن من الأحسن أن يشغل نفسه بشيء، ليكن مستر ومسز جين، فليبحث في حياتهما لعله يعرف كيف يعيش ليأكل ما تبقى من لحم ذئب، لا يكمل أبدا وكأنه ينبت كالأشجار في هذه الأرض الخصبة، هل ظن يوما في لا وعيه أن امرأة ستذهب عنه الضجر؟ أما الآن فلن ينسى كيف سخرت منه وضحكت عليه فلوباندو، بل وأضحكت عليه المحاربين المتخلفين الجهلاء، صدق من قال: من يهن يسهل الهوان عليه، ولا بد أنه عاش تجربة مشابهة لما يعيشه هو الآن، في مثل هذا المكان المتوحش الدغل البائس يرمى شخص بلغ من العلم ما بلغ، طالب دكتوراه، ذو تخصص نادر في علم الحياة البرية، ينتظره مستقبل مشرق بين حجرات الجامعات ومنتديات التعليم والمعرفة؟ أتسخر منك دغلية، دغلية ثقيلة الدم باردة كخرتيت، جاهلة حقيرة؟ ليس إلا لجبنك بعض الشيء، بك قلة لا تذكر من الحرص، هل تعرض نفسك رخيصة للتهلكة؟ كيف لك أن ...؟ إن بإمكان المحاربين النباح مثل كلاب السمع.
ما أدراك ومن أدراك يا سلطان تيه؟ الآن سيستغني عنها كأنثى ولن يرغب فيها ولن.
صفحه نامشخص