حتما ستأتي وإن طالت وحدتي.
هكذا أصدر قرارا نهائيا لنفسه بالأمل، وتخيل مجرد تخيل أنها عادت ومعها الجميلة، جنة روحه، سنيلا، كأجمل ما تكون، بشرتها تشع نورا، نورا أزرق، فمها يرتجف في انفعال وهي تقول له: أنا هي سنيلا، هل تريدني؟ إذن أنا بين يديك، أمرك يا سيدي! - أريدك، أريدك أن ترقصي. - هذا أقل ما يمكن فعله من أجلك، لكن أين البحيرة؟ الرمل؟ أين أطيار الكرووو كروووو؟ أين عيد مابندوتييرا؟
ثم ضحكت وتلاشت، إنها خدعتني ...
لاحظ سلطان تيه أنه ليس بالبحيرة أسماك، ماؤها نقي صاف تتغلغل بينها خيوط الصابون الرمادية مكونة جزيرة صغيرة من التلوث الكيميائي الذي يبدو غريبا. ليس من اهتماماته الفعلية صحة البيئة، ولو أن الدراسة التي يجب أن ينال بواسطتها شهادة الدكتوراه تدعمها منظمة السلام الأخضر العالمية، لكنه باحث أكاديمي ذكي فحسب، ليس له انتباهات لغير آلية العمل الأكاديمي، ليست روحه، يعرف في قرارة نفسه أنه كالكمبيوتر، يعمل بصمت/جدية وإتقان، لكن بغير عاطفة، يستعجب لذلك!
أخذ ينشر ملابسه على أشواك الأشجار والأحجار على الشاطئ، رائحة الذئب تزكم أنفه، سيبقى اليوم بطوله في الماء، سيدلك جسده بالرمل والطين والصابون.
لكن أنفاسه رائحة الذئب.
ويل لمن يقتل الذئب! وويل لمن يأكل الذئب! وويلات لمن أكله الذئب!
تخيل سنيلا تقول له: سأحبك كثيرا لأنك الآن ذئب مقدس، آه يا ذئبي المسكين الأكثر قدسية! ...
صعد جذع شجرة ضخما ملقى على الشاطئ، قفز نحو الماء الساكن الهادئ، تشظى الماء مندفعا في كل الاتجاهات قبل أن يبتلعه لثوان ثم يلفظه للسطح فيسبح متوغلا في عرض البحيرة، كان العالم حوله ساكنا، الصوت الوحيد هو طجطجة كفيه على سطح الماء ودفدفة رجليه دافعة الماء للخلف، إلى الأمام.
ماذا لو جاءتا الآن فجأة، سبحتا قربي كما تسبح الجنيات في أنهار الأحاجي القمرية؟! أنت لا تعرف شيئا عن مستر ومسز جين.
صفحه نامشخص