ضحكت وقلت: أجل، مسلم.
وأضفت قائلا: وهل تعتقد أن إله الفرنسيين قد بارك هذه الحملة العسكرية.
ضحك وقال: لا، لا أعتقد أن الرب يرضى بقتل الأبرياء، قتلهم لأنهم لا يجيدون الفرنسية.
ضحك كلانا وأضفت: وما الله بأقل حكمة، لكنه يرى أنه لا يغير بنا شيء لا نود تغييره، إنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، إن الله عادل، ولن يدعم جانبا من البشر خلقهم مقابل بشر خلقهم أيضا، لاختلاف ألوانهم، أو كونهم عربا أم عجما، الله يدعم عباده الصالحين من البشر، ثم توقفت، كان السيد يكتب ما أقول. - ماذا تكتب؟ - ما يفعله إله العرب.
ابتسمت وقلت: أعتقد أنه منحنا حق الاختيار، وما آلت إليه الأمور هو خيارنا، لا خياره.
ثم أضفت: خياره الجنة، وليس هذا.
وحملت بعضا من الرمال وتركتها تنسال بين أصابعي لتعود إلى مكانها، أصابعي التي باعدت بينها.
ثم سألته: لم تقوم بهذه الرحلة؟ أقصد إلى أين نتجه؟ - أنت تعلم أن خلف كل رحلة أسطورة (ينظر إلى السماء)، لنقل إنني أومن بواحدة. - حسنا، على الأقل أنت تسير خلف إيمانك.
واستمر حديثنا إلى أن غفونا، في تلك الليلة المظلمة هاجمنا جمع من الرجال العرب، كانوا ضعفنا، رجال مسلحون بالكراهية والعداء، ضعف تسلحهم بالسيوف والبنادق. قتلوا العديد من الرجال ولم يستثنوا العرب من الفرنسيين. كنت قد ساعدت السيد الفرنسي على الفرار. أطلقوا النار عليه مرارا، لكنهم لم يسقطوه من على ظهر الناقة، كنت قد ساعدته على ركوبها وأنا أقول: أنا أعرف أنك تؤمن أن إلهك سيساعدك، لكنني سأدعو الله أن يحفظك. لم تكن هذه معاركنا يوما، وما كنا لنكون أعداء أبدا، ثم وخزت الناقة فتحركت مبتعدة إلى المجهول، لم يعبأ به المرتزقة، فقد كان همهم الأول الحصول على حمولتنا من الحوائج والبشر، وأمسكوا بنا يجروننا إلى أماكن نجهلها، ثم باعني بشر يتكلمون لغتي، يؤمنون بإله أنا أومن به، إلى مجموعة من الثوار في سوق إحدى القرى، واستعبدني شيخ كان اسمه مبارك، كان قائد جماعة من المقاومة أو هذا ما اعتقدت في بادئ الأمر، أجلسني أمامه، اقترب مني وقال: أنت خنت الإسلام، وقد ولدتك أمك مسلما، وباسم الله الذي خنته، وما كنت لتخون إلا نفسك، فإنني أسلبك باسمه الجليل حريتك التي منحها لك، فأنت لا تستحقها بعد الآن.
لم أنبس ببنت شفة، لكنه التفت إلى رجاله وقال: اقتلوا السيد بداخله، اجعلوه ينسى الرجل الحر بداخله، وسارع الرجال إلي فربطوني بجذع نخلة ونزعوا عني الجلد بسياطهم، يضربون كل جزء من جسدي، وفعلوا ذلك أياما، ولما كان ينتهي النهار، كانوا يتركونني وسط الصحراء ليلا، مع قليل من الماء، ووضعوا حولي صخورا ضخمة أحضروها وكان بينها متسع كبير، اعتقدت في الليلة الأولى أنهم أطلقوا سراحي بفعلهم هذا، ثم اكتشفت أنني مخطئ بعدها، اكتشفت ذلك لما وجدوني صباحا بمكان ما مرمي، فأعادوني إلى جذع النخلة وأشبعوني ضربا بالسياط، ثم تعلمت ألا أتجاوز الصخور، وكانوا يذهبون ليلا إلى مكان ما، كانوا يعلمون أنهم سيجدونني بين الصخور، فلا مكان أتجه إليه، ولا يكفيني الماء إن أنا اكتشفت وجود مكان أذهب إليه، ثم يعودون صباحا، يأخذونني إلى جذع النخلة، يربطونني مجددا. كنت أتوسل لهم ولكن ما كان يكترث الجزء البشري بداخلهم، ثم يعيدون ضرب الجلد الذي تشكل بتخثر الدماء التي حاولت غلق الجراح، فأخسر من الدماء مقدار ما شربت من الماء ليلا. كانت معادلة سهلة لأحفظها، الماء ليلا مقابل الدم صباحا، وأبقوا على ذلك أياما عديدة، حتى نسيت اسمي، فبدلوه باسم آخر، «زنيم».
صفحه نامشخص