رهگذران مسلمان در قرون وسطی
الرحالة المسلمون في العصور الوسطى
ژانرها
جغرافيو القرنين الثالث والرابع بعد الهجرة (9-10م)
بدأ المسلمون في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) يؤلفون في تقويم البلدان، ويصفون أجزاء إمبراطوريتهم وما يجاورها من الأقاليم وامتاز الجغرافيون في القرن الرابع الهجري بأن معظمهم كانوا رحالة، جمعوا كثيرا مما كتبوه بوساطة المشاهدة والاختبار والأسفار. •••
فاليعقوبي توفي في نهاية القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، بعد أن قام برحلات طويلة في أمينية وإيران والهند ومصر وبلاد المغرب. وقد أفاد من هذه الرحلات فيما كتبه في التاريخ والجغرافيا. وذكر ذلك في مقدمة «كتاب البلدان». قال: «إني عنيت في عنفوان شبابي، وعند احتيال سني وحدة ذهني، بعلم أخبار البلدان والمسافة ما بين كل بلد وبلد؛ لأني سافرت حديث السن، واتصلت أسفاري ودام تغربي.» والواقع أن قارئ «كتاب البلدان» يشعر بأنه كتاب مثالي، لعمال الحكومة المعينين في مختلف أنحاء الدولة الواسعة الأرجاء، ولغيرهم من التجار والرحالة الذين يحرصون على أن يعرفوا شيئا عن البلاد التي يزمعون الرحيل إليها؛ كما يقف منه على أوصاف وأخبار تدل على أن اليعقوبي رأى بنفسه معظم ما عرض للكتابة فيه، مع أنه تحاشى ذكر ما لقيه في أسفاره من المشاهدات والتجارب. •••
أما الإصطخري فعاش في النصف الأول من القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي). واعتمد في تصنف مؤلفيه: «كتاب الأقاليم» و«المسالك والممالك» على رحلاته لطلب العلم والمعرفة في الآفاق الإسلامية، وعلى ما نقله من كتاب «صور الأقاليم» لأبي زيد البلخي. وقد وضح الإصطخري كتابه الأول بالخرائط. •••
وعاش المسعودي في النصف الأول من القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي). وقد نشأ في بغداد، ثم أقبل على السياحة لطلب العلم. وجمع الحقائق الجغرافية والتاريخية. فطاف في إيران، ثم رحل إلى الهند وجزيرة سرنديب، ثم رافق جماعة من التجار في رحلة إلى بحار الصين، وجال بعد ذلك في المحيط الهندي، وزار زنزبار وسواحل إفريقية الشرقية والسودان، ثم قام برحلات في إقليم بحر قزوين وآسيا الصغرى والشام والعراق وبلاد العرب الجنوبية ومصر. والظاهر أن أشق رحلاته كانت في المحيط الهندي شرقي إفريقية؛ فقد كتب: «وقد ركبت عدة من البحار كبحر الصين والروم والقلزم واليمن، وأصابني فيها من الأهوال ما لا أحصيه كثرة، فلم أشاهد أهول من بحر الزنج، وفيه السمك المعروف بالأوال، طول السمكة نحو من أربعمائة ذراع بالذراع العمرية، وهي ذراع ذلك البحر. والأغلب من هذا السمك طوله مائة ذراع. وربما بدا بهذا البحر فيظهر طرفا من جناحيه فيكون كالقلاع العظيم وهو الشراع. وربما يظهر رأسه وينفخ الصعداء بالماء فيذهب الماء في الجو أكثر من ممر السهم. والمراكب تفزع منه بالليل والنهار وتضرب له بالدبادب والخشب لينفر من ذلك ...»
وقد تحدث المسعودي عما لقيه من التجارب والمشاهدات خلال رحلاته في مؤلفات تاريخية ضخمة، ضاع أكثرها بسبب ضخامة حجمها وقلة انتشارها. أما أعظم ما وصل إلينا منها فكتاب «مروج الذهب ومعادن الجوهر» الذي اختصر فيه كتابين كبيرين له. وقد فرغ من تصنيفه سنة (336ه/947م). والكتاب يجمع بين التاريخ والجغرافيا والسياسة والعمران، بل يتضمن معظم ضروب العلم في عصره. ويمتاز على غيره من الكتب العربية بكثرة ما فيه من أخبار الأمم التي كانت تحيط بالعالم الإسلامي في العصور الوسطى، وبندرة بعض هذه الأخبار في كتب سائر المؤلفين. من ذلك عناية المسعودي ببيان الطرق البرية للسفر إلى بلاد الصين، على حين أن الطرق البحرية إلى تلك البلاد هي التي عني بها سائر من كتبوا في ذلك أيضا عنايته بالتعليل لبعض الظواهر الاجتماعية والاقتصادية، مثل قوله: إن العاج كان يجلب في كثرة من شرقي إفريقية إلى الصين، وإن إقبال الصينيين على استيراده هو الذي جعله نادرا وغالي الثمن في الأقطار الإسلامية. ولكن كتابة المسعودي لم تخل من العيوب المعهودة في تأليف معظم الجغرافيين والمؤرخين أيام العصور الوسطى، ومن تلك العيوب الاستطراد ، ونقل الخرافات والأخبار السطحية بدون تمحيصها بالنقد العلمي أو بالرجوع إلى المصادر الأولى، ذلك فضلا عن إغفال منهج معين في الدراسة.
وقد أشار المسعودي في مقدمة «مروج الذهب» إلى أسفاره الطويلة، فقال : «على أنا نعتذر من تقصير إن كان، ونتنصل من إغفال أو عرض لما قد شاب خواطرنا وغمر قلوبنا من تقاذف الأسفار وقطع القفار، وتارة على متن البحر وتارة على ظهر البر، مستعلمين بدائع الأمم بالمشاهدة عارفين خواص الأمم بالمعاينة، كقطعنا بلاد السند والزنج والصنف والصين والرانج، فتارة بأقصى خراسان وتارة بوسائط أرمينية وأذربيجان والهوات والطالقان، وطورا بالشام؛ فسيري في الآفاق سري الشمس في الإشراق كما قال بعضهم:
تيمم أقطار البلاد فتارة
لدى شرقها الأقصى وطورا إلى الغرب
سرى الشمس لا ينفك تقذفه النوى
صفحه نامشخص