رحلات الفضاء: تاريخ موجز
رحلات الفضاء: تاريخ موجز
ژانرها
ومع ذلك، فإن الجمع بين عدم الرضا السياسي ببيروقراطية ناسا وضغوط الميزانية أجبر الوكالة على إصلاح برامج علوم الفضاء الخاصة بها في التسعينيات. في عام 1992، أحلت إدارة بوش الأولى دانيال جولدين - مدير تنفيذي هندسي من شركة مقاولات دفاعية كبيرة - محل مدير ناسا ريتشارد ترولي الذي كان رائد فضاء سابقا. وقد استمر جولدين خلال فترتي رئاسة بيل كلينتون بسبب تغييره الهائل للوكالة. سرعان ما وصف برنامج جولدين بأنه «أفضل وأسرع وأرخص»؛ لأنه كان يهدف إلى تخفيض الهيكل الهرمي للوكالة وتقليل الأعمال الورقية وتقليل مجالس المراجعة وزيادة المخاطرة، بناء على الخبرات المكتسبة من مبادرة الرئيس ريجان القصيرة الأمد المعنية بالدفاع الصاروخي في الفضاء والتي أطلقت في الثمانينيات.
22
كذلك تأثر برنامج الكواكب الخاص بناسا تأثرا ملحوظا. وكانت مبادرات الإصلاح قد بدأت من قبل تولي جولدين زمام الأمور، بسبب التجارب غير السعيدة التي منيت بها ناسا في الثمانينيات. وقد استهلك جزء كبير من ميزانية علوم الكواكب لسنوات عديدة في مشروعين لإنشاء مركبتي فضاء كبيرتين، وفي مهمة رادار ماجلان للكشف عن سطح كوكب الزهرة الذي تغلفه سحابة من الغازات، وأيضا في جاليليو المركبة المدارية ومسبار الغلاف الجوي التي أرسلت لدراسة كوكب المشتري. وأضافت السياسة المكوكية الخاصة بوكالة ناسا وحادث انفجار «تشالنجر» مزيدا من النفقات والتأخير، على الرغم من نجاح كل من المركبتين الفضائيتين بعد أن عانتا من أعطال خطيرة في الرحلة. وفي الوقت نفسه، أجريت محاولة لإنشاء مركبة فضائية منخفضة التكلفة، ولكن هذه المحاولة تجاوزت الميزانية المحددة وأنتجت مركبة فضائية واحدة فقط: «مارس أوبزيرفر»، التي انفجرت قبل وصولها إلى الكوكب مباشرة في عام 1993.
كانت المحاولة الثانية لخفض التكاليف أكثر نجاحا. أتاح برنامج «ديسكفري»، الذي صدق عليه الكونجرس في العام نفسه، لاستكشاف الكواكب، بعثات أقل تكلفة وأكثر ابتكارا، اختيرت بعد التنافس بين فرق العلوم والهندسة. أصبح مختبر الفيزياء التطبيقية التابع لجامعة جونز هوبكنز المنافس الرئيسي لمختبر الدفع النفاث وبنى أول مركبة «ديسكفري» جرى إطلاقها والتي أطلق عليها «ملتقى الكويكبات القريبة من الأرض». وقد حلقت بالقرب من كويكب صغير، ودخلت في مداره وأخيرا هبطت على الكويكب «إيروس» في الفترة 2000-2001. وقد حققت مركبة «مارس باثفايندر»، نظرا إلى تمتعها بمسار أقصر بكثير، هبوطا مبتكرا مريحا في 1997، وفور هبوطها على سطح المريخ خرجت منها طوافة صغيرة بدأت في التجول على سطح الكوكب. وكانت أول مركبة ناجحة تصل إلى الكوكب الأحمر في عقدين.
23
ومع ذلك، فشلت البعثتان التاليتان اللتان أرسلهما مختبر الدفع النفاث إلى كوكب المريخ بشكل محرج في عام 1999، مما يدل على أن القيام بأشياء محفوفة بالمخاطر بتكلفة زهيدة له حدوده. عانى برنامج جولدين «الأفضل والأسرع والأرخص» من انتكاسة سياسية جعلته يحجم عن المخاطرة، وأنهت فترة ولايته في وكالة ناسا بسرعة أكبر. لم تكن هاتان المهمتان المريخيتان جزءا من برنامج «ديسكفري»، ولكن هذا البرنامج دخل في أزمة أيضا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وذلك بفضل الافتراضات الشديدة التفاؤل بشأن التكلفة والجدول الزمني المطلوب للقيام بأشياء أكثر طموحا، مثل صدم مذنب، أو وضع مركبة في المدار حول كوكب عطارد. ومع ذلك، أنتج برنامج «ديسكفري» سلسلة من الرحلات الفضائية، لا سيما للمذنبات والكويكبات، وأثبت قيمة المنافسة. وسعت ناسا نطاق الفكرة بحيث يشمل البعثات المتوسطة الحجم، وفي أواخر عام 2001 أعطت مؤسسة البحث الجنوبية الغربية ومختبر الفيزياء التطبيقية مهمة التحليق بالقرب من كوكب بلوتو، الذي وصل إليه مسبار «نيو هورايزونز» في عام 2014. وفي الوقت نفسه، حصل برنامج «مارس» التابع لناسا على زخم كبير بعد فشل عام 1999، مع سلسلة من المركبات المدارية وثلاث طوافات متجولة تستكشف سطح المريخ، اثنتان منها وهما: «أوبورتيونيتي» و«كيوريوسيتي» لا تزالان تعملان حتى كتابة هذه السطور.
24
على الرغم من الاستثمار الهائل والنجاح الذي لا مثيل له الذي حققته أمريكا في استكشاف الكواكب في فترة ما بعد الحرب الباردة، فيجدر بنا أن نذكر أن أوروبا ثم آسيا قد ظهرتا كلاعبين جادين في هذا المجال، لا سيما بعد عام 2000. حملت المركبة المدارية «كاسيني ساتورن» التابعة لناسا، التي تم إطلاقها في عام 1997، مسبارا أوروبيا هبط على قمر زحل «تيتان» في عام 2005. ونجحت مركبات وكالة الفضاء الأوروبية المدارية التي هبطت على سطح القمر والمريخ والزهرة في مهامها بين عامي 2003 و2006، كما تعاونت الوكالة مع روسيا لوضع مركبة فضائية جديدة حول المريخ في 2016. ووصلت المركبة الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية «روزيتا» - أو رشيد - إلى أحد المذنبات في عام 2014، وأسقطت مركبة هبوط صغيرة على سطحه. أما اليابان، التي بدأت بمهمة جسيمات وحقول صغيرة للتحليق بالقرب من مذنب هالي في عام 1986، فنجحت في بعثاتها في القمر، والزهرة، وفي أحد الكويكبات وأحد المذنبات في التسعينيات من القرن العشرين وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وبدأ برنامج استكشاف القمر الخاص بالصين ب «تشانج 1» في عام 2007، وفي عام 2015 هبطت «تشانج 3» على سطح القمر وانطلقت منها حوامة صغيرة. كذلك نجحت الهند في الوصول إلى مدار القمر في 2008 والمريخ في 2012.
25
على الرغم من الاستثمار الهائل والنجاح الذي لا مثيل له الذي حققته أمريكا في استكشاف الكواكب في فترة ما بعد الحرب الباردة، فيجدر بنا أن نذكر أن أوروبا ثم آسيا قد ظهرتا كلاعبين جادين في هذا المجال، لا سيما بعد عام 2000.
صفحه نامشخص