وأما مسألة الفساق من أهل القبلة فاعلم: أن هذه المسألة هي أم مسائل الوعيد والمختصة بالنزاع الشديد تشعب فيها الخلاف بين علماء الأمصار فجمهور العدلية من الزيدية والمعتزلة وبعض الإمامية والخوارج وغيرهم: أن كل واحد من فساق الأمة وأهل الكبائر يستحق العذاب بالنار في الآخرة ولابد أن يدخلها ويعذب فيها ويخلد فيها أبد الأبدين وماهم عنها بغائبين كما حكى الله رب العالمين، وخالف في ذلك المرجئة فقطع بعضهم أنهم غير داخلين في الوعيد وتوقف البعض الآخر، وقد جرى اصطلاح أصحابنا أن كل من قال بخروج الفساق من النار أو توقف أو قطع بعدم دخولهم فإنه مرجيء وإن كان التحقيق أن المرجئة هم الواقفة دون من قطع.
قال الإمام عزالدين بن الحسن عليهم السلام: قلت: التحقيق أن الإرجاء هو التأخير ومنه قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهن}[الأحزاب:51]والدليل على قولنا وهو يتضمن الرد على الجميع قوله تعالى: { { ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا}[الجن:23]والخلود هو الداوم وقوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي جحيم، يصلونها يوم الدين، وما هم عنها بغائبين}[الإنفطار:13-15]، وقوله تعالى: {إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون، لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون}[الزخرف:74، 75]، وقوله تعالى: {إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا}[طه:74]، وقوله تعالى: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا}[الفرقان:68،69].
والأدلة كثيرة متظافرة، وما أورده الخصوم من الشبه قد أجاب عنها أئمتنا عليهم السلام تطلب من مظانها.
صفحه ۴۱