وأما من الخالق فقال جمهور أئمتنا عليهم السلام والبلخي والنظام وأبوالهذيل وغيرهم: وإرادة الله تعالى لخلقه المخلوق نفس ذلك المخلوق، ولأمره عباده نفس ذلك الأمر، ولنهيه نفس ذلك النهي، ولإخبارهم بما قص الله سبحانه في كتابه نفس ذلك الخبر، وهذا على سبيل المجاز سمي مراده إرادة توسعا، لأنه جل وعلا مريد لا بإرادة، كما أنه سبحانه عالم لا بعلم، وقادر لا بقدرة، لأن الإرادة الحقيقية التي هي الضمير والنية محال في حقه تعالى.
والذي يدل على أنه تعالى مريد: أنه خالق ورازق وآمر وناه، ولا يصدر ذلك من حكيم من غير إرادة، وما صدر من الأفعال من أي فاعل بغير إرادة يكون عبثا والله منزه عنه كما تقدم ، ومن السمع آي كثيرة: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}[البقرة:185]وغيرها من الآيات، ورضى الله ومحبته وولايته الحكم باستحقاق الثواب قبل وقته وإيصاله إلى المستحق في وقته، والكراهة ضد المحبة، وهي الحكم باستحقاق العقاب قبل وقته وإيصاله إلى المستحق في وقته، وكذلك السخط بمعنى الكراهة، والله يريد من المكلفين الطاعات بمعنى أنه أمر بها، وكاره للمعاصي بمعنى أنه نهى عنها. وقالت المجبرة: أن الله تعالى مريد للمعاصي -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- وقولهم باطل لأن ذلك صفة نقص والله متعال عنها، ولأن الله تعالى يقول: { { وما الله يريد ظلما للعباد}[غافر:31]، وقال تعالى: { {والله لا يحب الفساد}[البقرة:205]، وقال تعالى: {ولا يرضى لعباده الكفر}[الزمر:7]إلى غير ذلك.
صفحه ۳۴