ابن كثير غلط في رفع الحديث (١)، ويدل على أن هذا لم يكن عن ابن عمر عن النبي ﷺ أن هذا الغسل من الماء من الحلال والحرام من أعظم الأمور التي يحتاج الناس إليها في دينهم لحاجتهم إلى الماء في طهورهم وشرابهم، والناس أحوج إلى الماء منهم في سائر الأشياء، ووقوع النجاسة فيه من الأمور الغالبة، وابن عمر دائمًا يفتي الناس ويحدثهم عن النبي ﷺ والسنن التي رواها معروفة عند أهل المدينة وغيرهم لاسيما عند سالم ابنه ونافع مولاهم لا العمل به مذهب أحد من أهل المدينة، بل قولهم المستفيض عنهم مخالف لهم، ثم ذكر أن إسماعيل بن إسحاق القاضي روى بإسناده عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وسالم بن عبد الله بن عمر أنهما سُئلا عن الماء الذي [لا] (٢) يجري تموت فيه الدابة هل يشرب منه ويغتسل وتغسل فيه الثياب؟ فقال: لا، إن الماء إذا كان لا يدنسه ما وقع فيه، فنرجوا أن لا يكون به بأس (٣)، وروى ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال: كل ما فيه فضل عما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه ولا ريحه ولا لونه
_________
(١) والصواب أن رواية الرفع ثابتة وترجح على رواية الوقف وانظر رسالة الشيخ العلائي، وموسوعة الطهارة للشيخ الدبيان (١/ ٣٥١) وشيخ الإسلام ابن تيمية ممن يثبت حديث القلتين حيث قال في "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٤١): (وأما حديث القلتين فأكثر أهل العلم بالحديث على أنه حديث حسن يحتج به وقد أجابوا عن كلام من طعن فيه وصنف أبو عبد الله محمد بن عبدالواحد المقدسي جزءا رد فيه ما ذكره ابن عبد البر وغيره).
(٢) غير موجودة بالأصل، وهي مثبتة في المدونة.
(٣) إسناده ضعيف - علقه سحنون في "المدونة" فقال: قال ابن وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما فذكره نحوه وفيه ابن لهيعة، وقد اختلف العلماء في ابن لهيعة اختلافا كثيرا، وهذا الحديث من رواية عبد الله بن وهب عنه، وقد صحح جماعة من العلماء رواية العبادلة عن ابن لهيعة، وهذه منها، والأقوى عندي أن ابن لهيعة ضعيف مطلقا. ولم أقف على هذا الأثر من الطريق التي أشار إليها المؤلف.
1 / 47