فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠] .
فقلت لهم: قال الله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّه﴾ [النحل: ١] فأمره كلامه واستطاعته ليس بمخلوق، فلا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض، فقد نهينا عن ذلك".
قال حنبل: "وقال أبو عبد الله: واحتججت عليهم فقلت: زعمتم أن الأخبار تردونها باختلاف أسانيدها، وما يدخلها من الوهم والضعف، فهذا القرآن نحن وأنتم مجمعون عليه، وليس بين أهل القبلة فيه خلاف، وهو الإجماع.
قال الله ﷿ في كتابه تصديقًا منه لقول إبراهيم غير دافع لمقالته ولا لما حكى عنه، فقال: ﴿إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ [مريم: ٤٢] فذم إبراهيم أباه أن عبد ما لا يسمع ولا يبصر؛ فهذا منكر عندكم. فقالوا: شبَّه، شبَّه يا أمير المؤمنين.
فقلت: أليس هذا القرآن؟ هذا منكر عندكم مدفوع، وهذه قصة موسى؛ قال الله ﷿ لموسى في كتابه حكاية عن نفسه: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى﴾ [النساء: ١٦٤] فأثبت الله الكلام لموسى كرامة منه لموسى، ثم قال: يا موسى! ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ [طه: ١٤] فتنكرون هذا، فيجوز أن تكون هذه الياء راجعة ترد على غير الله، أو يكون مخلوق يدعي الربوبية؟ وهل يجوز أن يقول هذا غير الله؟ وقال له: ﴿يَا مُوسَى لا تَخَفْ﴾ [النمل: ١٠] ﴿إِنِّي١ أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ [طه: ١٢] .
_________
١ في الإبانة: إنني.
1 / 40