يقال لهم : أو ليس قد كذبتم قولكم، وجهلتم صاحبكم ؟! إذ زعمتم أنه علم منكم أنكم لا تذيعون سره، أو ليس قد ادعيتم وقلتم للناس واحتججتم على من خالفكم، ووصفتم فيه ما لم يدعه هو لنفسه، مثل علم الغيب، ومثل قولكم يرانا في كل بلاد، ويرى حالنا وأعمالنا وأفاعيلنا، ويسمع كلامنا، ويخبرنا أنا نرجع إلى الدنيا بعد موتنا، وأشباه هذا مما لو وصفناه لكثر وطال ؟!
فيا سبحان الله! أو ليس يكفي دون ما وصفنا لمن وهب الله له أدنى فهم، واستقر في قلبه أدنى إيمان، أن يعرف اختلاف قولكم، وتكذيب دعواكم، وعيوب ما أنتم فيه من باطلكم، ولكن الله يهدي لدينه من يشاء .
زعمتم [أنه] يخبركم لمعرفته بقبولكم، ويكتم غيركم لمعرفته بجحودهم، فسبحان الله ما أبين هذا الفعل أنه مضآد لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ إذ زعمتم أن صاحبكم يقوم مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويهدي بهدي رسول الله عليه السلام، ويفعل أفاعيل رسول الله صلى الله عليه وآله، أفهكذا كان فعل رسول الله عليه السلام أن يكتم بعضا، ويخبر بعضا ؟! أو أخبر الجميع ؟ قبله من قبله، وعصاه من عصاه .
فإن زعمتم أنه أخبر بعضا وكتم بعضا، فقد عظم فرآؤكم على رسول الله صلى الله عليه وآله، وزعمتم بأنه لم ينصح العباد إذ نصح قوما دون قوم، وزعمتم بأنه لم يبلغ رسالات الله إلا قوما دون قوم، ويلكم كيف وقد قال الله لنبيه أن يبلغ الناس لقوله :{إني رسول الله إليكم جميعا} [الأعراف:158]. ولقوله تبارك وتعالى :{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته والله يعصمك من الناس} [المائدة:67]، فوعده أن يحفظه ممن كان يحذره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأبلغ الثقلين الجن والإنس عامة كافرهم ومؤمنهم، فقبل من قبل، وعصى من عصى، فكان حجة لمن قبل، وحجة على من عصى، وكذلك أهله. وبدون هذا يكتفي المؤمن .
صفحه ۴۲۳