فقالت فيه الروم ، وهو قولها المعلوم : إن الأقنوم (1) الإلهي الذي لم يزل موجودا ، ومن قبل الدهور من الأب مولودا ، أنزل إلى مريم العذراء فأخذ منها طبيعة بغير أقنوم فكان لطبيعتها أقنوما ، فعمل (2) بطبيعتها التي أخذ منها كل ما كان لها في طبيعتها معلوما ، فنام كما كانت تنام نومها ، وإن لم يكن أقنومه أقنومها ، وفعل من أفعال طباعها فعلها ، وإن لم يكن أصله في الناسوت أصلها. قالوا : فعمل بطبيعتها فكان المسيح إنسانا تاما بطبيعتين ، وإن كان أقنوما واحدا لا اثنين ، والمسيح فهو ابن الله الأزلي المولود ، وعمل الطبيعتين جميعا فهو فيه موجود. قالوا : فإذا سر أو بكى ، أو ضحك أو اشتكى ، وكلهم يقر ولا يشك ، أن قد كان يبكي ويضحك فكل ما
قال : وقد فسر بعض النقلة من أهل المقالات كلام النصارى وقولهم بالأب ، والابن ، وروح القدس ، بما تقوله الفلاسفة من أنه تعالى عقل وعاقل ومعقول ، فهو من حيث أنه عقل لذاته أقنوم الأب ، ومن حيث أنه عاقل لذاته أقنوم الابن ، ومن حيث أنه معقول لذاته أقنوم روح القدس.
قال : واتفقت آراء الفرق النصرانية على القول بالاتحاد ، ثم اختلفوا في كيفيته ، فقال بعضهم : إن الاتحاد كان بامتزاج الذاتين.
وقال بعضهم : الاتحاد بالحلول.
وزعم بعضهم : أن الاتحاد كان بالانسان الكلي.
وبعضهم قال : الاتحاد بالانسان الجزئي ، إلى غير ذلك من التفرق والنزاع ، تعالى الله عن سخيف نحو هذه المقالات ، التي أذعنت لها السماء بالانفطار ، والأرض بالتشقق ، والجبال بالانحدار ( أن دعوا للرحمن ولدا ، وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا ، إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ).
صفحه ۴۰۷