فكان أول ما نقول لهم من ذلك، ونسألهم عنه، أن نقول لهم خبرونا عن قول الله تبارك وتعالى فيما حكى عن الفاسقين الظلمة المنافقين الفجرة المتخلفين عن الجهاد مع رسول الله رب العالمين: { وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون } [التوبة: 42]، فقلنا للقدرية: أتزعمون أنهم حين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا مستطيعين للخروج معه، أوغير مستطيعين له؟ فإن قالوا: إنهمكانوا مستطيعين له، وإنهم تركوه عنوة واجتراء على ذي الجلال والطول، واطراحا لقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وآله؛ تركوا قولهم الذي كانوا يقولون به من أنه لا يستطيع أحد فعل شيء حتى يقضي الله عليه به، ويدخله الله سبحانه فيه. وإن قالوا: إن المتخلفين عن الخروج مع الرسول لم يكونوا بمستطيعين للخروج معه، وإنهم كانوا غير مستطيعين الجهاد؛ فقد قالوا كما قال المتخلفون، وصدقوا قول المنافقين، وأكذبوا قول رب العالمين؛ لأن الله سبحانه قد أكذبهم، وشهد بخلاف ما قالوا من قولهم، حين يقول: { والله يشهد إنهم لكاذبون } [التوية: 107]؛ قالت المجبرة: هم صادقون لا يستطيعون، ولو استطاعوا لخرجوا، وقال الله سبحانه: هم الكاذبون فيما يقولون وشهد أنهم للخروج مستطيعون، وأنهم لو أرادوا الخروج لخرجوا، ولذلك أكذبهم الله في قولهم؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يكذب صادقا، ولا يصدق كاذبا.
صفحه ۲۹۸