فكانت إرادته في وقت إيجادهما: الكفاية لهما، وفي وقت نسيانهما: ما حكم به من إخراجهما، وإهباطهما منها إلى غيرها. والهبوط فهو القدوم من بلد إلى بلد، تقول العرب: هبطنا من بلد كذا وكذا إلى بلد كذا وكذا، وهبطنا عليك أرضك. وقال الله المتقدس الأعلى، فيمن كان مع عبده ونبيه موسى؛ ممن كان ينزل عليه المن والسلوى، ويظلل بالغمام ويسقى زلال الماء، فطلبوا وسألوا التبدل بذلك ما هو أقل وأدنى؛ فقالوا: {يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم} [البقرة: 61]، فقال: اهبطوا مصرا، أي أقدموا وانزلوا مصرا تجدوا فيه ما سألتم من هذا الأدنى.
فأراد سبحانه أن يسكنها آدم أولا، ويخرجه منها آخرا، كما شاء أن يسكن ذريته(1) الدنيا ثم يخرجهم منها إذا شاء إلى الآخرة.
وكما شاء وأراد أن يصلي له نبيه صلى الله عليه وآله إلى بيت المقدس، ثم شاء أن ينقله عنه إلى ماهو أعظم، فينقله إلى بيته الحرام المكرم.
صفحه ۲۹۴