125

رب الزمان

رب الزمان: الكتاب وملف القضية

ژانرها

في كتاب المواجهة الصادر ضمن سلسلة كتاب الأهالي، كتب الأستاذ خليل عبد الكريم (ص147) يقول: «الحواريون أو الرسل أو التلاميذ الذين كانوا مع المسيح عليه السلام كانوا ثلاثة عشر، وعدة أهل بدر الكبرى من المسلمين كانوا ثلاثة عشر وثلاثمائة، فهل هناك صلة من نوع خاص بين الديانتين الساميتين، وبين الرقم 13؟ وهل لهذا الرقم مكان ملحوظ في الميثولوجيا السامية القديمة؟ هذا ما أدعو أخي وصديقي د: سيد محمود القمني عالم الميثولوجيا المرموق أن يجيبني عنه.»

وعندما يطرح مفكر في قيمة الأستاذ خليل عبد الكريم سؤالا، فإن الحصافة تستدعي الاستجابة الفورية للرجل الذي أثرى مكتبتنا العربية بقراءته المستنيرة في منتوج الفكر الإسلامي، وإعمالا لذلك قمت بكتابة هذه العجالة السريعة، مع وعد بتقديم دراسة مطولة حول الأرقام والأشياء والظواهر المقدسة في ديانات حوض المتوسط الشرقي، في المستقبل القريب.

مقدسات البيئة

ورغم اشتراك معظم ديانات شعوب العالم في معالم أساسية مقدسة، فإن هناك اختلافات جذرية في كثير من التفاصيل بين تلك الديانات، كنتيجة محتمة لاختلاف الظروف البيئية باعتبار الإنسان ابن بيئته، وأن الدين يتفاعل مع ظروف البيئة والمجتمع، كذلك يسهم اختلاف المكان والزمان والتشكيلات الاجتماعية والأنماط الاقتصادية والمرحلة التطورية التي وصلها المجتمع، وكم التراكم المعرفي لديه وكيف يسهم جميعه في طبع الدين بسمات تختلف أو تقترب من ديانات الشعوب الأخرى.

وملاحظة الأستاذ خليل حول تشابه ديانات شرقي المتوسط السامية أمر صحيح تماما، من حيث كون تلك الديانات قد ظهرت في مجتمعات تتشابه في ظروفها الاجتماعية والبيئية مع التجاور المكاني، وإن اختلفت زمانيا فدخل على المتأخر منها بعض التطوير والتجريد الذي لم يحظ به السابق.

ولعل أكثر أوجه التشابه تكمن بين الديانتين الساميتين: اليهودية والإسلام، لتشابه الظرف المجتمعي والبيئي، فكلا المجتمعين قد نشأ في بيئة صحراوية جبلية، وكلاهما كان مجتمعا قبليا تسوده أعراف القبيلة ونظمها ومرحلتها في التطور التاريخي، ومن ثم تجد ألوانا من التقديس لأرقام بعينها، ولأشياء أخرى عينية هي من أهم معالم البيئة الصحراوية، فكلتا الديانتين ديانة قمرية: الشهور قمرية، مواعيد التضحية قمرية، الاحتفاليات الكرنفالية الكبرى قمرية، الصيام قمري، «والقمر يعلو المآذن الإسلامية»، والمطالع للتوراة سيكتشف أن القمر في أحيان كثيرة كان يعد أحد تمثلات الإله ذاته.

كذلك قدس البدو الصخور النادرة والأحجار والجبال، فاليهود يقدسون جبل «حوريب، كاترين» بسيناء، ويطلقون عليه اسم «جبل الله»، وعرب الجاهلية والإسلام يقدسون جبل عرفات، وكان اليهود يقدسون كل مرتفع من الأرض، يقدمون عنده قرابينهم وأضحياتهم، ويمارسون عليه طقوس الجنس المقدس. وعرب الجزيرة كانوا أيضا يذبحون عند عرفات ويقدسون الصفا والمروة.

كما كان تقديس الأحجار في البيئة الصحراوية أمرا واضحا في ديانات الصحراء، خاصة إذا كان الحجر من النوع النادر، ومن ثم قدس العربان منذ القديم الأحجار النيزكية المنصهرة القادمة من الفضاء، باعتبارها قادمة من حيث عرش الإله، ونتيجة انصهارها اكتست بلون أسود لامع زاد في روعتها وجلالها، ومن ثم قاموا يضعونها في أفنية البيوت المقدسة والمعابد، وللسبب ذاته قدس اليهود النيزك الكبير الموجود بالقدس، والموجود الآن تحت ما يعرف باسم قبة الصخرة، وأحاطته القدسية الإسلامية بعد حديث الإسراء والمعراج، كذلك قدس عرب الجاهلية حجرا أسود وضعوه بالكعبة، ورغم ما جاء به الإسلام من تطور، فإنه جعل للحجر الأسود مكانة قدسية.

الرقم 7

ويلحظ الباحثون أن رقم 7 قد أحيط بهالة كبرى من التقديس في الديانات السامية الكبرى، فقصة الخلق التوراتية تقول: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استراح من عناء عمله في اليوم السابع؛ لذلك تقدس اليوم السابع الذي اعتبروه يوم السبت، من «شباث» أو الثبات والسكون؛ لذلك لا يعمل اليهودي يوم السبت ويقلل من حركته ما أمكن، واعتقد اليهود بأن المحافظة على قدسية اليوم السابع مجلبة لرضا الإله ولحسن الحظ، وأن انتهاكه نذير شؤم ودمار، ثم انصرف ذلك التقديس إلى مواضيع شتى يشغل فيها الرقم 7 مكانا بارزا فتحدثوا عن أعمار الإنسان السبعة، وما للقطط من سبعة أرواح ... إلخ، ثم جاءت المسيحية لتستمر في تقديس ذات الرقم، وتحدثنا عن الخطايا السبع المميتة، وسيوف الحزن السبعة في قلب العذراء، وأبطال المسيحية السبعة، مع تقديس اليوم السابع الذي أصبح يوم الأحد، وكلها لدى المؤمن المسيحي أمور واضحة ومعقولة لمجرد أنها سبعة وكفى بذلك سبيلا.

صفحه نامشخص