رب الثورة: أوزيریس وعقیدة الخلود في مصر القديمة
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
ژانرها
ورغم عدم وجود المدونات في هذا العصر، مع قلة المصادر وندرتها، فإنه يمكن القول بإيجاز: إن هذا العصر كان عصر إرساء الأسس السياسية والدينية، والاجتماعية والفلسفية، التي قامت عليها شوامخ الحضارة المصرية فيما بعد. (3) عصر الدولة القديمة
ويشار إليه أيضا بالعصور المنفية؛ نسبة إلى استقرار فراعنته في مدينة منف، ويبدأ تاريخيا بقيام الأسرة الثالثة التي أسسها زوسر حوالي عام 2870ق.م، وينتهي بسقوط الأسرة السادسة حوالي عام 2880ق.م، وبذلك تكون قد استمرت مسيطرة على الجهاز الحكومي في مصر، ما يقرب من خمسمائة عام، وقد امتازت بما شيد فيها من الأهرام العتيدة التي بلغت زهاء الثمانين هرما، حتى سمي عصرها بعصر بناة الأهرام. كما امتازت بأن وحدة البلاد ظلت متماسكة دون ضعف حتى بداية الأسرة السادسة، وكانت ذروة حضارتها في منتصف الأسرة الرابعة، وبالتحديد في عصر «خوفو» وخلفائه.
أما أهم أسرها لهذا البحث، فهو بوجه خاص الأسرة الخامسة والأسرة السادسة، وترجع أهمية الأسرة الخامسة إلى كونها كانت من صنع رجال الدين (الأونيين)، فاصطبغت لذلك بصبغة دينية مذهبية واضحة، حيث ازداد نفوذ كهنة «أون» أصحاب الإله «رع» خلال الأسرة الرابعة، وانتهى الأمر باستيلائهم على الحكم، وتأسيس الأسرة الخامسة، وقد ظهر ذلك في بردية يرجع تاريخ مخطوطتها إلى أواخر الدولة الوسطى، وإن كان الأثريون يرجعون تاريخ تحريرها إلى عهود أقدم. وتروي البردية نوعا من الأسطورة، يحكى في شكل رواية، أن ساحرا عرض على الملك «خوفو» بعض سحره، ثم قص عليه من نبوءاته، أن «روج جدت» زوجة كاهن «رع» الأكبر، ستلد ثلاثة ملوك، يعودون ببنوتهم إلى الإله «رع» مباشرة، وأنهم سيحكمون البلاد.
ويوضح هؤلاء الأثريون: أن هذه القصة قد أشاعها كهنة رع الأونيون، بعد استيلائهم على العرش وتأسيسهم الأسرة الخامسة؛ لتدعيم سلطانهم على البلاد، بادعاء نسبهم السلالي للإله «رع» الأعظم آنذاك! ويكشف ذلك النقاب عن اعتبار حكام مصر منذ ذلك الحين أبناء ل «رع»، وحتى نهاية التاريخ القديم، بعد أن كانوا يعتبرون أبناء الإله «حور».
11
ويبدو أن انتزاع كهنة رع للعرش، قد سبب نوعا من الصراع فيما بينهم وبين كهنة الإله «بتاح»
12
إله منف، وانتهت المسألة مؤقتا إلى وراثة السدة الملكية لكهنة «رع»، بينما احتفظ أتباع «بتاح» بوراثة مركز الوزارة ورياسة القضاء.
13
وقد بدا سوء الطالع ملازما لهذه الأسرة، منذ أن ظهرت عليها أمارات الضعف، بينما أخذ الأمراء من حكام الأقاليم يحتكرون مناصبهم لأسرهم بشكل وراثي، مع عجز الملوك عن كبح زمامهم، كما كان يفعل فراعنة الأسرة الرابعة، كما بدأ يظهر لون من ألوان المجاعة، يدل على خلل اقتصادي واجتماعي خطير، بدأ يستشري في الدولة.
صفحه نامشخص