رب الثورة: أوزيریس وعقیدة الخلود في مصر القديمة
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
ژانرها
Lotze »: «إن الطبيعة هي عالم الضرورة، أما التاريخ فهو عالم الحرية»،
1
ويضيف «كولنجوود» تأكيده على أن التفكير التاريخي إذا كان يعنى بالسياسة والحروب والاقتصاد والأفعال الأخلاقية؛ فإن هدفه في النهاية هو معرفة الطبيعة الإنسانية.
2
وتأسيسا على هذين الرأيين يمكن التقرير مبدئيا بأن الدراسة في هذا الباب - وخاصة فصله الثاني - تقوم على حرية التفكير فيما تركه المصري القديم؛ بهدف معرفة أهم طبائع الإنسان المتمثلة في منهجه الفكري، أو خطواته العقلية التطورية خلال تلك الحقب من الزمان، وأهم الأحداث السياسية والاجتماعية التي أدت إلى التطور الفكري أو نجمت عنه.
ولكن معنى حرية البحث هنا سيكون معنى مقيدا بقيود ثلاثة؛ أولها رؤية فلاسفة التاريخ، الذين يلخص كولنجوود اتجاهاتهم باعتباره هذه الحرية، هي حرية اختيار الطريق الذي يلائم الباحث للاستدلال من الأحداث التاريخية على معانيها، بشرط أن يبرر أي ادعاء يذهب إليه، وأن تكون وسيلته هي النفاذ في أعماق الحدث التاريخي، وأن يكون هدفه كشف الفكر المتضمن في الفعل التاريخي؛ لأن «كل التاريخ تاريخ فكر»
3 - على حد زعمه - وإن الباحث ليقبل هذا القيد أو هذه الشروط، مقابل قدر من الحرية في الترتيب والفهم؛ ومن ثم في التفسير بمنهجية محددة، هدفها إعمال هذا الرأي فعلا؛ لكشف الفكر المتضمن في بعض أحداث التاريخ المصري القديم، السياسية منها والاجتماعية.
وحتى لا تختلط اجتهادات الباحث التنظيمية أو التفسيرية مع الأحداث التاريخية؛ فقد لجأ إلى تقسيم هذا الباب إلى فصلين؛ يتناول الأول أحداث التاريخ كما جاءت في مصادرها ومراجعها، دون تدخل من جانبه إلا فيما ندر، أو في الحالات التي لم يجد الباحث لها تفسيرا؛ مما استدعى التدخل؛ ليبقى التدخل الحقيقي للفصل الثاني. وهنا يظهر القيد الثاني، ويتمثل في كون الباحث ليس بعالم مصريات؛ لذلك وجب أن تظل اجتهاداته داخل أطر رؤية علماء المصريات القديمة المتخصصين، مع قليل من حرية الحركة المنطقية، بعملية ترتيب وتنظيم تؤدي بدورها إلى التفسير المقبول، أو الاستدلال المنطقي الأقرب للقبول العقلي؛ استنادا لمبدأي لوتزيه وكولنجوود - بما يحقق هدفية هذه الدراسة - ودون أن يخل في الوقت نفسه بالرؤى التخصصية.
ولكن عبد الرحمن بدوي يؤكد هنا أن ذلك قد يكون أمرا عسيرا كل العسر، خاصة فيما يتعلق ب «تحديد صحة الوثائق؛ فعلينا أن نقوم بعملية امتحان قاس لكل هذه الوثائق المتخلفة عن الحادث موضوع الدرس؛ لأن حالة التدخل هنا ستكون مقصودة؛ لبيان أمور يراها الباحث جديدة، أو يرى ضرورة إيضاحها في ضوء خطة بحثه.»
4
صفحه نامشخص