رب الثورة: أوزيریس وعقیدة الخلود في مصر القديمة
رب الثورة: أوزيريس وعقيدة الخلود في مصر القديمة
ژانرها
أما متى سيكون موعد البعث والحساب؟ فنظن أن العداء الذي استحكم بين الفكر الثوري وبين الفكر التقليدي المحافظ، قد حدا بكل منهما إلى تحذير الآخر بهذا اليوم الموعود، فبينما يحذر الفلاح الفصيح سادته بقوله: «احذروا؛ لأن يوم الآخرة يقترب»
49
نجد الملك أخيتوي يؤكد نفس المعنى بقوله: «لا تثق في طول السنين؛ فإنهم - أي الآلهة - يعتبرون الحياة مجرد ساعة واحدة، والإنسان سيبعث من بعد موته، وهناك ستوضع أعماله بجواره أكواما، وسيكون هناك الخلود الأبدي، لن يشكو منه سوى من كان متهورا! لكن من يصل هناك بلا خطيئة، سيصبح إلها، يخطو بحرية كآلهة الأبدية.»
50
وعلى ذلك فليتأكد كل إنسان أيا كان «أن الزمن الذي يقضيه على الأرض، إنما هو طيف خيال فحسب، وعندئذ يقال لمن يصل إلى الغرب: مرحبا.»
51
ويبدو أن القوم قد اكتفوا بتحذير بعضهم البعض، بهذه التلميحات التي تؤكد قرب يوم الحساب؛ لأن تحديد موعده بدقة أمر صعب، فهو أمر يخص الآلهة وحدها، وهو سر من أسرارها؛ ولأن الزمن الإنساني يختلف عن الزمن الإلهي، فحياة البشر على الأرض بطولها ليست في عرف الآلهة سوى ساعة واحدة، وأن معرفة ما يقابل هذه الساعة من ساعات البشر يشكل معادلة صعبة، وغير ممكنة بالطبع.
وقد أشارت متون الأهرام إلى ما سيحدث في هذا اليوم من كوارث فلكية تصيب العالم بدمار شامل، فقالت: إن «السحب تظلم، والنجوم تمطر الأرض، والأقواس تترنح»،
52
وبعدها «يفتح باب السماء»! ومن هذا الباب السماوي سيدخل كل البشر إلى قاعة الحساب الإلهية، التي أفاضت النصوص في وصفها، كما أوضحتها بالرسوم الملونة، ولعل أهم هذه الرسوم صورة ضخمة، تتضح من وصف إرمان القائل «في الصورة نرى بهوا كبيرا، سقفه بلهب النيران، وعلامة الحق، وفيه «مقصورة يجلس فيها أوزيريس» على عرشه، ومن أمامه رمز أنوبيس وابنه حورس، وآكل الموتى وهو حيوان خرافي - تمساح من أمام، وأسد من وسطه، وفرس نهر من الخلف - وفي أعلى الصورة؛ أي في مؤخرة البهو، يجلس اثنان وأربعون قاضيا، ومن أسفل، أي الجزء الأمامي، «الميزان العظيم يوزن فيه قلب الميت»، وتستقبل آلهة الحق الميت وهو يدخل البهو، ومن ثم يأخذ حورس وأنوبيس قلبه، ويتحققان بالميزان إن كان أخف من علامة الحق، ويسجل تحوت كاتب الآلهة النتيجة على لوحة، ثم يخبر بها أوزيريس.»
صفحه نامشخص