333

قوت القلوب

قوت القلوب

پژوهشگر

د. عاصم إبراهيم الكيالي

ناشر

دار الكتب العلمية - بيروت

شماره نسخه

الثانية

سال انتشار

١٤٢٦ هـ -٢٠٠٥ م

محل انتشار

لبنان

مَسَّنِي الْضُّرُّ وأنْتَ أرْحَمْ الْرَّاحِمين) الأنبياء: ٨٣ فوصفه بمواجهة التملق له ولطيف المناجاة وظهر له بوصفه الرحمة فاستراح إليه به فناداه فشكا إليه واستغاث به فأشبه مقامه، مقام موسى ويونس ﵉ في قولهما: سبحانك تبت إليك، وفي قول الآخر: لا إله إلا أنت، سبحانك إني كنت من الظالمين، وهذا خطاب المشاهدة ونظر المواجهة، ثم وصفه بالاستحابة له وأهله لكشف الضرّ عنه وجعل كلامه سببًا لتنفيذ قدرته ومكانًا لمجاري حكمته ومفتاحًا لفتح إجابته، ثم قال بعد ذلك كله: ووهبنا له أهله فزاد على سليمان في الوصف إذ كان بين من وهب لأهله وبين من وهب له أهله فضل في المدح لأنه قال في وصف سليمان: ووهبنا لداود سليمان فأشبه فضل أيوب في ذلك على سليمان كفضل موسى على هارون لأنه قال ﷿ في مدح موسى ﵇ وتفضيله على هارون: (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أخاهُ هارُونَ نَبيًّا) مريم: ٥٣، وكذلك قال في مدح داود: (وَوَهَبْنا لِدَاوُدَ سُلَيْمانَ) ص: ٣٠ فوهب لموسى أخاه كما وهب لداود ابنه وأشبه مقام أيوب في المباهاة والتذكرة به مقام داود ﵇ لأنه قال تعالى في وصف داود لنبيّه ﵇: (اصْبِرْعلى ما يَقُولُونَ واذْكُرْ عَبْدنا دَاوُد) ص: ١٧ وكذلك قال تعالى في نعت أيوب: (واذْكْرْ عَبْدنا أَيُّوبَ إذْ نادى ربَّهُ) ص: ٤١، فقد شبه أيوب بداود وموسى ﵉ في المعنى ورفعه إليهما في المقام، وهما في نفوسنا أفضل من سليمان ﵈، فأشبه أن يكون حال أيوب على من حال سليمان، وعلم الله تعالى المقدم ولكن هكذا ألقى في قلوبنا والله أعلم، ثم قال تعالى بعذ ذلك كلّ (رَحْمَةً مِنَّا) ص: ٤٣ فذكر رنفسه ووصفه عند عبده تشريفًا له وتعظيمًا، ثم قال ﷿: (وَذِكْرى لأُولي الألْبابِ) ص: ٤٣ فجعله إمامًا للعقلاء وقدوة لأهل الصبر والبلاء وتذكرة وسلوة من الكروب للأصفياء، ثم قال تعالى: (إِنَّا وَجَدْناهُ صابرًِا) ص: ٤٤ فذكر نفسه ﷾ ذكرًا ثانيًا لعبده ووصل اسمه باسمه حبًا له وقربًا منه، لأن النون والألف في وجدنا اسمه ﵎، والهاء اسم عبده أيوبَ، ثم قال صابرًا فوصفه بالصبر فأظهر مكانه في القوة وخلقه بخلقه، ثم قال تعالى في آخر أوصافه: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص: ٤٤، فهذان أوّل وصف سليمان وآخره ههنا شركه في الثناء وزاد أيوب بما تقدم من المدح والوصف الذي لا يقوم له شيء
فمن قوله ﷿: (وَاذْكُرْ عَبْدنا أَيُّوبَ) ص: ٤١ إلى قوله: (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص: ٤٤ عظيم من الفرقان عند أهل الفهم والتبيان وجعل في أوّل وصف سليمان أنه وهبه لأبيه داود ﵉ فصار حسنة من حسنات داود ﵇ واشتمل قوله تعالى: (نِعْمَ الْعَبْدُ إنَّهُ أَوَّاب) ص: ٤٤ على أوّل وصفه وأوسطه وهو آخر وصف أيوب ﵇، وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام

1 / 339