نزعتان
في عالم الفلسفة
قشور ولباب
قشور ولباب
تأليف
زكي نجيب محمود
مقدمة
في هذا الكتاب مجموعتان من المقالات والأبحاث؛ إحداهما في النقد الأدبي، والأخرى في الفلسفة؛ وكل منهما يعرض مذهبي في موضوعه باختصار ودقة.
أما مجمل مذهبي في الأدب فهو أن الكاتب - مهما تكن الصورة التي اختارها لأدبه، شعرا أو قصة أو مسرحية أو مقالة - لا ينتج أدبا بمعناه الصحيح إلا إذا عبر عن ذات نفسه أولا، وإلا إذا جاء هذا التعبير - ثانيا - بحيث تتكامل أجزاؤه في بناء يكون بمثابة الكائن الفرد، الذي لا يشاركه في فرديته هذه كائن آخر من كائنات الوجود؛ فهذا التفرد هو من أخص خصائص الكائنات الحية، وكذلك ينبغي أن يكون من أخص خصائص الأثر الأدبي، لو أردنا حقا أن يجيء الأدب صورة من الحياة، ولم نقل هذه العبارة عبثا ولهوا.
ليس في عالم الأحياء - بل ولا في عالم الأشياء كلها - ما هو مجرد وعام؛ إذ كل ما هنالك أفراد، لكل فرد منها ما يميزه من سائرها؛ لكل فرد ما يميزه من بقية أفراد نوعه ودع عنك أفراد الأنواع الأخرى؛ وإنا لنحصل حاصلا إذا قلنا - مثلا - إن كل فرد من أفراد الناس يتميز ممن عداه، ولولا هذا التميز لما صح أن يكون نفسا قائمة بذاتها مسئولة عن فكرها وسلوكها؛ ليس هنالك «إنسان» بصفة عامة مطلقة مجردة، بل هنالك محمد وزينب، وما اللفظ العام «إنسان» إلا رمزا تواضعنا على أن نلخص به الآحاد الكثيرة ليسهل التفاهم، على ألا يغيب عنا أن حقائق الأحياء الجزئية المفردة لا شأن لها بمثل هذا التلخيص والتيسير في لغة التفاهم السريع.
صفحه نامشخص