ومن قولهم (¬1): الأصل ما منه الشيء، فإن الواحد من العشرة وليست العشرة أصلا له.
ولما عرف الأصل عرف مقابله وهو الفرع على سبيل الاستطراد فقال:
(والفرع ما يبنى على غيره) كفروع الشجرة لأصولها، وفروع الفقه لأصوله.
[تعريف الفقه]
(والفقه) الذي هو الجزء الثاني من لفظ (أصول الفقه) له معنى لغوى وهو الفهم، ومعنى شرعي وهو: (معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد).
كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة، وأن الوتر مندوب، هذا على مذهب الشافعي، وأما عند المالكية فسنة مؤكدة، وأن تبييت النية شرط في الصوم، وأن الزكاة واجبة في مال الصبي وغير واجبة في الحلي المباح، وأن القتل عمدا يوجب القصاص ونحو ذلك من المسائل الخلافية.
بخلاف ما ليس طريقه الاجتهاد، كالعلم بأن الصلوات الخمس واجبة، وأن الزنى محرم، والأحكام الاعتقادية كالعلم بالله سبحانه وتعالى وصفاته ونحو ذلك من المسائل القطعية، فلا يسمى معرفة ذلك فقها، لأن معرفة ذلك يشترك فيها الخاص والعام.
فالفقه بهذا التعريف لا يتناول إلا علم المجتهد، ولا يضر في ذلك عدم اختصاص الوقف على الفقهاء بالمجتهدين، لأن المرجع في ذلك للعرف (¬2)، وهذا اصطلاح خاص.
والمراد بالمعرفة هنا العلم بمعنى الظن، وأطلقت المعرفة التي هي بمعنى العلم على الظن؛ لأن المراد بذلك ظن المجتهد، الذي هو لقوته قريب من العلم.
وخرج بقوله: (الأحكام الشرعية)، الأحكام العقلية، كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، والحسية كالعلم بأن النار محرقة.
صفحه ۱۰