(وكذا إذا كانا) أي النصان (خاصين)، أي وإن أمكن الجمع بينهما جمع كما في حديث {أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وغسل رجليه} (¬1) وهذا مشهور في الصحيحين وغيرهما، وحديث {أنه توضأ ورش الماء على قدميه وهما في النعلين} رواه النسائي والبيهقي وغيرهما (¬2)، فجمع بينهما في حال التجديد لما في بعض الطرق: {إن هذا وضوء من لم يحدث} (¬3).
وقيل: المراد بالوضوء في حديث الغسل الوضوء الشرعي، وفي حديث الرش اللغوي وهو النظافة.
وقيل: إنه غسلهما في النعلين وسمي ذلك رشا مجازا.
وإن لم يمكن الجمع بينهما ولم يعلم التاريخ توقف فيهما إلى ظهور مرجح لأحدهما.
مثاله ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقال: {ما فوق الإزار}، رواه أبو داود (¬4)، وجاء أنه قال: {اصنعوا كل شيء إلا النكاح} أي الوطء، رواه مسلم (¬5)، ومن جملة ذلك الاستمتاع بما تحت الإزار، فتعارض فيه الحديثان فرجح بعضهم التحريم احتياطا، وبعضهم الحل؛ لأنه الأصل في المنكوحة، والأول هو المشهور عندنا وعند الشافعية، وقال أبو حنيفة وجماعة من العلماء بالثاني.
ووقع في كلام الشرح بعد ذكر الحديث الثاني: "ومن جملة ذلك الوطء في ما فوق الإزار فيتعارض فيه الحديثان"، والظاهر أنه سهو، فإن ما فوق الإزار يجوز الاستمتاع به باتفاق العلماء، قال النووي في شرح مسلم: بل حكى جماعة كثيرة الإجماع عليه.
وإن علم التاريخ نسخ المتقدم بالمتأخر كما تقدم في حديث زيارة القبور.
صفحه ۴۵