(وإن لم يدل) دليل على الاختصاص به كالتهجد، (لا يخص به لأن الله تعالى يقول: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة})، أي قدوة صالحة، والأسوة بكسر الهمزة وضمها لغتان قرئ بهما في السبعة، وهو اسم وضع موضع المصدر أي اقتداء حسن، والظرفية هنا مجازية مثل قوله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين }.
وإذا لم يختص ذلك الفعل به صلى الله عليه وسلم فيعم الأمة جميعها.
ثم إن علم حكم ذلك الفعل من وجوب أو ندب فواضح، وإن لم يعلم حكمه (فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا) في حقه صلى الله عليه وسلم وفي حقنا؛ لأنه الأحوط، وبه قال مالك رضي الله عنه وبعض أصحابه.
(ومن أصحابنا من قال يحمل على الندب) لأنه المحقق.
(ومنهم من قال يتوقف عنه) لتعارض الأدلة في ذلك.
(فإن كان) فعل صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم (على وجه غير القربة والطاعة) كالقيام والقعود والأكل والشرب والنوم (فيحمل على الإباحة في حقه وحقنا) وهذا في أصل الفعل، وأما في صفة الفعل فقال بعض المالكية: يحمل على الندب، ويؤيده ما ورد عن كثير من السلف من الإقتداء بهم في ذلك.
وقال بعضهم: يحمل على الإباحة أيضا.
وعلم مما ذكره المصنف انحصار أفعاله صلى الله عليه وسلم في
الوجوب والندب والإباحة، فلا يقع منه صلى الله عليه وسلم محرم لأنه معصوم، ولا مكروه ولا خلاف الأولى، ولقلة وقوع ذلك من المتقي من أمته، فكيف منه صلى الله عليه وسلم؟
[باب الإقرار]
(وإقرار صاحب الشريعة) صلى الله عليه وسلم (على القول الصادر من أحد) بحضرته (هو)، أي ذلك القول (قول صاحب الشريعة)، أي كقوله.
كإقراره صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه على قوله، إعطاء سلب القتيل لقاتله متفق عليه.
(وإقراره) أي صاحب الشريعة (على الفعل) الصادر من أحد بحضرته (كفعله) أي صاحب الشريعة.
صفحه ۳۸