وهذا قول جماعة من الأصوليين، والمختار أنه لا يعتبر في الأمر العلو، وهو أن يكون الطالب أعلى رتبة من المطلوب، ولا الاستعلاء وهو أن يكون الطلب على سبيل التعاظم.
والفرق بين العلو والاستعلاء أن العلو كون الآمر في نفسه أعلى درجة من المأمور، والاستعلاء أن يجعل نفسه عاليا بتكبر أو غيره وقد لا يكون في نفس الأمر كذلك، فالعلو من صفات الآمر والاستعلاء من صفات كلامه.
وقوله: (على سبيل الوجوب) يخرج الآمر على سبيل الندب بأن يجوز الترك.
واقتضى كلام المصنف أن المندوب ليس مأمورا به، وفيه خلاف مبني على أن لفظ الأمر حقيقة في الوجوب أوفي القدر المشترك بين الإيجاب والندب وهو طلب الفعل؟ وقيل: إنه حقيقة في الندب، وقيل غير ذلك.
(وصيغته) أي صيغة الأمر الدالة عليه (افعل).
وليس المراد هذا الوزن بخصوصه، بل كون اللفظ دالا على الأمر بهيئته نحو: اضرب وأكرم واستخرج و{لينفق}، و{ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق}.
(وهي) أي صيغة الأمر (عند الإطلاق والتجرد عن القرينة) الصارفة عن الوجوب (تحمل عليه) أي على الوجوب، نحو: {أقيموا الصلاة}.
(إلا ما دل الدليل على أن المراد منه الندب) نحو: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} لأن المقام يقتضى عدم الوجوب، فإن الكتابة من المعاملات.
(أو الإباحة) نحو: {وإذا حللتم فاصطادوا}، فإن الاصطياد أحد وجوه التكسب وهو مباح، وقد أجمعوا على عدم وجوب الكتابة والاصطياد.
وظاهر كلامه أن الاستثناء في قوله: (إلا ما دل الدليل) منقطع؛ لأن الدليل هو القرينة، ويمكن أن يكون متصلا.
وتختص القرينة بما كان متصلا بالصيغة، والدليل بما كان منفصلا عنها؛ لأن ما كانت القرينة فيه منفصلة داخل في المجرد عن القرينة.
صفحه ۲۶