رابعها: أن المهم في الخلافة رضا الناس به واجتماعهم عليه وتوقيرهم إياه وأن يقيم الحدود ويناضل دون الملة وينفذ الأحكام واجتماع هذه الأمور لا يكون إلا في واحد بعد واحد، وفي اشتراط أن يكون من قبيلة خاصة تضييق وحرج، فربما لم يكن في هذه القبيلة من تجتمع فيه الشروط وكان في غيرها.
***
الحجة الثانية: إجماع الصحابة
ذكر غير واحد من المؤيدين لاختصاص قريش بالخلافة أن الصحابة أجمعوا على ذلك بل الأمة!! وهو كلام يفتقر إلى الواقعية، لأن ما صدر عن الصحابة من أقوال وأفعال ينافي ذلك تماما:
* فما حدث في السقيفة وبعدها يدل بوضوح على أنه لم يكن لدى الصحابة أي تصور مسبق لوضع الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما روي من بيعتهم لأبي بكر؛ فما ذلك إلا لأنه كان قد فرض ببيعة السقيفة كواقع يصعب تجاوزه، مع أن رفض الأنصار وبني هاشم وغيرهم كان واضحا وقد استمر بعد ذلك كما أسلفنا.
* وعن أبي بكر، أنه قال عند موته: « وددت أني سألت رسول الله: لمن هذا الأمر فلا ينازعه أحد، ووددت أني كنت سألته: هل للأنصار في هذا الأمر نصيب؟»(1). وهذا يؤكد أن القول باختصاص قريش بالخلافة لم يكن معروفا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ما جاء على لسان أبي بكر كان مجرد اجتهاد منه وترجيح لا غير. وأنه تطور مع الزمن وقدم بصيغة حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
صفحه ۵۸