(3) اعتبار الحديث صحيحا لغيره
كان الحافظ ابن حجر من أكثر المتحمسين لتصحيح هذا الحديث، حيث جمع في إثباته رسالة سماها: (طيب العيش بتصحيح حديث الأئمة من قريش)(1)، وذكر أنه أورده عن قرابة أربعين صحابيا، غير أنه كان أكثر دقة من ابن حزم وابن تيمية، فقد قال في (الأمالي)(2): «أما حديث: الأئمة من قريش.. فوقع لنا من حديث علي بلفظه، وكذا من حديث أنس، ووقع لنا معناه عن عدد كثير من الصحابة». فقال: وقع لنا معناه!! وهذا لا يتجاوز كونه تجميعا لشواهد رأى أنها تؤيد الحديث، وليس ذلك من قبيل تخريج الحديث وتعديد طرقه، وهذا ما يدركه كل من له دراية بعلوم الحديث، فإنه لم يزد على تجميع ما يروى من أحاديث في حق قريش، سواء أفاد معنى الأولوية في الخلافة أم لا، وذلك كحديث: «الناس تبع لقريش في الخير والشر». وحديث: «الناس تبع لقريش برهم لبرهم وفاجرهم لفاجرهم». وحديث: «لا يزال هذا الأمر في قريش». وحديث: «استقيموا لقريش ما استقاموا لكم فإذا لم تفعلوا فضعوا سيوفكم على عواتقكم فأبيدوا خضراءهم». وحديث: «الملك في قريش، والقضاء في الأنصار، والأذان في الحبشة». وحديث: «إن لي على قريش حقا وإن لقريش عليكم حقا ما حكموا فعدلوا وأتمنوا فأدوا واسترحموا فرحموا». وهذه الرواية وحدها مروية عن أكثر من عشرين من الصحابة، وفي أسانيدها من الوهن والاضطراب ما يجعلها في أدنى مستويات الضعف.
صفحه ۵۱