وهذه الرواية وإن لم يكن للمحدثين مقال في سندها على حسب منهجهم، فالمتهم فيها معاوية، لأنه المعروف بتحويل الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض يرثه الأصاغر عن الأكابر، كما أنه أوردها لمعارضة ما يروى من خبر القحطاني، مع أنه مشهور من رواية أبي هريرة عند البخاري ومسلم.. فالرواية بصيغتها التحذيرية إنما تكشف عن مدى قلق معاوية على منصبه من نزاع الأنصار وأبناء الأنصار الذين كانوا الخصوم التقليدين للطلقاء وأبناء الطلقاء.
وما روي من طريق أبي كنانة عن أبي موسى الأشعري، بلفظ: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على باب بيت فيه نفر من قريش فقال وأخذ بعضادتي الباب: «هل في البيت إلا قرشي»؟ فقيل: يا رسول الله، غير فلان ابن أختنا فقال: «ابن أخت القوم منهم.. ثم قال: إن هذا الأمر في قريش ما داموا إذا استرحموا.. الخ »، رواه أحمد(1) وأبن أبي عاصم(2) والبزار (3) والطبراني (4).
وضعفت هذه الرواية بأنه تفردبها أبو كنانة، وهو قرشي مجهول يروي عن أبي موسى فقط، نص على جهالته كل من: ابن القطان، والذهبي، وابن حجر(5). وقال البزار(6): لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن أبي موسى بهذا الإسناد!! ثم أشار إلى جهالة أبي كنانة. ويلاحظ: أن هذه الرواية خليط من رواية أنس ورواية معاوية ورواية علي.
وهنالك روايات أخرى حشرت في هذا الباب ولكنها لا تتجاوز كونها شواهد لما نحن بصدده.
(2) الحديث بين الثبوت والسقوط
من الأشياء المسلمة لدى الباحثين وأهل النظر أن أي حديث لا يكون حجة ودليلا إلا عند ثبوته، وأن الثبوت وعدمه لا يتم بمجرد المزاعم والدعاوى؛ والتكثر بأوهام الرواة وأغلاطهم في الأسانيد.
صفحه ۴۸