وبغض النظر عما يحيط بصحة هذه الرواية من التساؤلات، فإنها قد قيدت استحقاق قريش للولاية باستقامتهم، وهو ما يمكن أن يعتبر مقبولا إلى حد ما، ولكن ذلك التقييد لم يلبث طويلا حتى برزت روايات أخرى تجعل ولاية قريش قدر الأمة ومصيرها على أية حال، أخيارا كانوا أم أشرارا، ومن ذلك ما روي من طريق عبد الله بن أبي الهذيل، أن رجلا من بكر بن وائل انتقد الحكام من القرشيين، فقال: «لتنتهين قريش أو ليجعلن الله هذا الأمر في جمهور من العرب غيرهم». فلما سمعه عمرو بن العاص، قال له: كذبت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة». أخرجه الترمذي(1)، وأحمد(2). وفي رواية للطبراني(3) من نفس الطريق أن معاوية كتب إلى عمرو بن العاص يخبره بذلك. ورووا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم». أخرجه البخاري(4) ومسلم(5) من طريق أبي هريرة.. وأخرجه أحمد(6) من طريق أبي بكر بلفظ: « قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم». وأخرجه الحاكم(7)، والبيهقي(8)، والطبراني (9)، وأبو يعلى(10) من طريق علي، بلفظ: «الأئمة - أو الأمراء - من قريش، أبرارها أمراء أبرارها، وفجارها أمراء فجارها».
صفحه ۳۶