وهو ما أثبتوا فيه حدوث القرآن من خلال آيات تدل على أن كلامه تعالى هو فعله والتكلم صفته، وأنها من صفات الفعل لا من صفات الذات ، وتلك الآيات هي : قوله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما ) ، وقوله : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ) ، وقوله تعالى ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ) ، والشاهد هنا أنه سبحانه وتعالى عبر عن الكلام في هذه الآيات ونحوها بصيغة الفعل ( كلم ، يكلم) ،وهذا واضح لكل أحد ، وهو دليل أن المتكلم من فعل الكلام لا من قام به الكلام - كما ذهب إليه القائلون بأزلية كلام الله وقيامه بذاته - بدليل أن ما يتبادر إلى الأفهام ويفهمه أهل اللغة وأبناء العربية من أن معنى أن الله كلم موسى عليه السلام هو أنه فعل الكلام المكون من حروف وأصوات لا غير ، كما أن كلمة )تكليما( الواردة في الآية فيها تأكيد واضح على أنه سبحانه فعل الكلام وأن المتكلمية والتكلم صفته ، وليس الكلام الذي هو أثرها الذي أحدثه الله وأنشأه وخلقه كيف شاء وسمعه موسى عليه السلام.
هذا من جهة ، ومن جهة ثانية فإن الله سبحانه قد أثبت الكلام في الآيتين الأولى بقوله ( وكلم) ونفاه في الآية الثالثة بقوله ) لا يكلمهم ( ، وهذا دليل يؤكد أن المتكلمية من صفات الفعل ، ولوكانت صفة من صفات الذات لما أثبته تارة ونفاه أخرى .
تلك هي الأدلة الشرعية القرآنية الملزمة التي قدم منها القائلون بخلق القرآن ما يقطع الشك باليقين وأتوا فيها بنصوص صريحة مباشرة وأخرى غير مباشرة ، وثالثة لازمة الدلالة ، ورابعة مؤكدة ، ولا مجال لتجاوزها أو تجاهلها فضلا عن التمسك بالرأي المعارض لها .
صفحه ۶۷