Quenching the Thirst with the Sessions of the Branches of Faith
ري الظمآن بمجالس شعب الإيمان
ناشر
مكتبة دروس الدار
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٤٤ هـ - ٢٠٢٢ م
محل انتشار
الشارقة - الإمارات
ژانرها
بحاجاته. فهذا العصر عصر الشواغل، شُغِلَ الإنسان بهاتفه وبما فيه من المواقع التي يتصفحها، ويسهل على الإنسان أن يدخل هنا، ويخرج من هنا، وكلُّ هذا من شأنه أن يزيد الإنسان غفلة، -نسأل الله السلامة والعافية-،. فأين المشمرون؟! وأين أصحاب الهمة العالية الذين يحفظون أسماء الله الحسنى ويدعون الله -جل وعلا- بها؟!
دعاء أوصانا نبينا ﷺ بتعلمه يذهب الله به الهم والحزن
وإن النبي ﵊ قد علَّمنا دعاء مشتملًا على الأسماء الحسنى، يُذهِب الله به الهمَّ والحزن، علمنا أن نقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وابْنُ عَبْدِكَ، وابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي». وقد أخذت هذه الكلمات بمجامع قلوب أصحاب رسول الله ﷺ. فإنهم لما سمعوها قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قَالَ: «أَجَلْ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ» (^١). فمهم جدًّا العناية بفهم الأسماء الحسنى، وحفظها، وتعبد الله -جل وعلا- بها، فإذا دعا اللهَ وسأله الرزق، سأله باسمه الرزَّاق، فقال: اللهمَّ، يا رزَّاق، ارزقني. وإذا سأل المغفرة توسَّل إلى الله باسمه الغفور، فيقول: يا غفور، اغفر لي.
دعاء علمه نبينا ﷺ لأبي بكر الصديق ﵁-:
وهكذا علَّم النبي ﷺ أبا بكر ﵁ لما سأله عن دعاء يدعو به في صلاته، فقال له: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ؛ فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي؛ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» (^٢).
فتأمل المقابلة في قوله: «فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي» مع ختام الدعاء «إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ»؛ فـ «الغَفُورُ الرَّحِيمُ» اسمان دالان على صفتي المغفرة والرحمة وهما صفتان ذُكرتا ختمًا للكلام على جهة المقابلة لِمَا قبله، فـ «الغَفُورُ» مقابل لقوله: «فَاغْفِرْ
_________
(^١) أحمد (٣٧١٢، ٤٣١٨)، وابن حبان (٩٧٢) من حديث عبدالله بن مسعود ﵁. وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (١٩٩).
(^٢) البخاري (٨٣٤)، ومسلم (٢٧٠٥) من حديث أبي بكر ﵁.
1 / 55