قصص من التاريخ
قصص من التاريخ
ناشر
دار المنارة للنشر والتوزيع
شماره نسخه
العاشرة
سال انتشار
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٧ م
محل انتشار
جدة - المملكة العربية السعودية
ژانرها
الفلوات القريبة، تقيم العواصم والمخافر ثم تعود لتفسح المجال لفرقة أخرى، فتجاوزت حدها وأمعنت في الضرب إلى الجنوب حتى دخلت أرض ابن الزبير، والتقت بهذه الفرقة الحجازية التي كسرتها وردتها على أعقابها ولحقتها لتقضي عليها.
وهز هذا الحديث القصير رجال القافلة، فاصطفوا للقاء الفرقة الحجازية التي دنا غبارها، وتلفتوا يفتشون عن الرجل الذي يقودهم إلى المعركة ويشق لهم طريق الظفر ويُلزمهم طاعته إلزامًا، ولن يكون هذا الإلزام إلا بقوة الشخصية وبلاغة اللسان وكبر النفس، وكانت ساعة انتظار وتردد توجهت فيها الأنظار إلى كثير من السادة فخيبوا رجاء الناس فيهم، وأوشكت الفرقة الحجازية أن تصل وهم على جمودهم وانتظارهم. عند ذلك تقدم كليب الذي كان يغالب نفسه ويقسرها على السكون ويمسك بركان حماسته أن ينفجر؛ تقدم حين عجز عن ضبط نفسه، ففتح له طريقًا وسط الفرسان وقد رأى أمانيّه أدنى إليه من أنفه، ومضى فيه مضي السهم حتى صار في رأس القوم، وهم يعجبون منه، وينتظرون أن يقودهم كل رجل في القافلة إلا هذا الشاب الذي أمضى طريقه كله صامتًا حالمًا، لم يتحدث بحديث ولم ينطق بكلمة، والذي يظنونه عييًا لا يبين ولا يعرب عن نفسه. ولكن عجبهم لم يطل، فإن الفتى انطلق يخطب فيهم خطبة صارخة مجلجلة تلتهب كلماتها التهابًا، وتحرك جملها الجلاميد الصُّم، وتدع الجبان المخلوع القلب وهو البطل الحُلاحِل (١). وكان صوته القوي يمشي إلى حبات القلوب
(١) الحُلاحِل هو السيد في قومه وهو الرجل الشجاع، وجمعه حَلاحِل (مجاهد).
1 / 183