وهذه الإشارات قد تكون قريبة إلى الأذهان بادية الرابطة مع سياق الحديث، وقد تكون بعيدة غير مرئية في وضوح، فإذا قال - مثلا - عن محبوبته العابدة العالمة:
قد أعجزت كل علام بملتنا
وداوديا، وحبرا، ثم قسيسا
ثم شرح هذه الإشارات التاريخية بقوله إنها تشير إلى الكتب الأربعة، «فالعلام بملتنا» إشارة إلى القرآن، و«الداودي» إشارة إلى الزبور، و«الحبر» إشارة إلى التوراة، و«القسيس» إشارة إلى الإنجيل؛ بحيث يكون المعنى المجمل هو أن تلك المحبوبة العالمة قد ألمت بمحتوى هذه الكتب المنزلة جميعا، فعندئذ تكون الإشارة مفهومة وواضحة. ولنتذكر ما قاله ابن عربي في مقدمة الديوان عن محبوبته «النظام» من أنها «من العابدات العالمات»، وأما حين يقول - في القصيدة نفسها وعن المحبوبة نفسها:
توراتها لوح ساقيها سنا وأنا
أتلو وأدرسها كأنني موسى
وحين يقول في شرح ذلك أن «الساق» هنا تذكرنا ببلقيس حين كشفت عن ساقيها، أي بينت أمرها، وتذكرنا كذلك بقوله:
يوم يكشف عن ساق
قاصدا بذلك «الأمر الذي يقوم عليه بيان الآخرة»، وبقوله:
والتفت الساق بالساق
صفحه نامشخص