قصة الخلق: منابع سفر التكوين
قصة الخلق: منابع سفر التكوين
ژانرها
وكان أعظم عقاب رباني يلحق بإنسان، هو أن يموت، حتى أن الله ذاته كثيرا ما كان يلجأ إلى هذا السلاح السريع المفعول لإنزال عقابه على العصاة، فيميتهم ليذهبوا إلى عالم تحت الأرض «الهاوية»، أما الإنسان المخلص ليهوه، فكان يهوه يزيد في سني عمره وفي حياته الدنيوية الأرضية.
فالتوراة تحكي: «وكان عير بكر يهوذا شريرا في عيني الرب، فأماته الرب» (تكوين 38: 7). وهذا «أونان ... أفسد على الأرض ... فقبح في عيني الرب ما فعله، فأماته أيضا» (تكوين 38: 9، 10). وذاك الملك التقي الورع «حزقيا» يخبر النبي أشعيا بقرب موعد موته ، ويرجوه أن يتوسط له لدى الرب يهوه، وأن يذكر «يهوه» بأفضاله عليه، فينقل أشعيا الرسالة ليهوه، ويتلقى الرد «اذهب وقل لحزقيا هكذا يقول الرب إله داوود أبيك قد سمعت صلاتك، قد رأيت دموعك وها أنا ذا أضيف إلى أيامك خمس عشرة سنة» (أشعيا 38: 6).
لذلك فإن «مخافة الرب تزيد الأيام، أما سنو الأشرار فتقصر» (أمثال 10: 27)، لأن شيول تساوي بين الجميع، «هذا يموت في معظم وفرة وقد عمته الدعة والطمأنينة وذاك يموت في مرارة ونفسه لم تذق طيبا، وكلاهما يضطجعان في التراب، فيكسوهما الدود، فمن الذي يبين طريقه، ومن يكافئه على ما صنع؟» (أيوب 21: 31).
لذلك كانت التوراة تؤكد أن الموتى «يضطجعون معا لا يقومون، قد خمدوا كفتيلة انطفئوا» (أشعيا 43: 17)، «يناموا نوما أبديا ولا يستيقظوا» (أرميا 51: 39). بل يبدو لنا في التوراة أن العالم التحت أرضي خارج عن سلطان «يهوه» وسيطرته، فهذا يرجو ربه ألا يميته قائلا: «عد يا رب، نج نفسي، خلصني من أجل رحمتك، لأنه ليس في الموت ذكرك، في الهاوية من يحمدك؟ ... هل يحدث في القبر برحمتك؟ أو بحقك في الهلاك؟ هل تعرف في الظلمة عجائبك؟ وبرك في أرض النسيان؟» (مزامير 6).
حتى الأنبياء ذاتهم، عندما كانوا يتسببون في إشعال غضب «يهوه» لا يجد لهم دواء سوى القتل، وهو ما نراه في موت النبي موسى وأخيه هارون «وكلم الرب موسى في نفس ذلك اليوم قائلا: اصعد إلى جبل عباريم، هذا ... ومت في الجبل الذي تصعد إليه ... كما مات هارون أخوك ... لأنكما خنتماني» (تثنية 32: 48-51).
بل إن كبار الأنبياء كانوا يعلمون مصيرهم بعد الموت، وأنه هاوية تحت الأرض، فها هو يعقوب ينوح حزينا على موت ولده يوسف، بعد أن خدعه أبناؤه وقالوا له: لقد أكله الذئب، فيقول: «إني أنزل إلى ابني نائحا في الهاوية» (تكوين 37: 35).
ولكن هل كان دانيال يعرف أن «كورش» سيرضى بهذا المصير ولديه في الديانة الزرادشتية نعيم مقيم بعد الموت في مكان سماوي يدعى «باراديس» أو «الفردوس»؟ هنا كانت مهمة دانيال الذكي، فقام يحول شيول إلى عالم خالد، من أجل عيون قورش، ذلك الذي أصبح مسيحا للرب ويستحق مصيرا أفضل، وبالطبع قبل قورش الهدية ممتنا شاكرا، فظهر في التوراة سيرا على منطق الديانة الزرادشتية ولأول مرة، حديث حول قيامة الأموات:
وكثير من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الأبدية، وهؤلاء إلى العار، إلى الازدراء الأبدي، استيقظوا وترنموا يا سكان التراب، هلم يا شعبي ادخل مخادعك. (أشعيا 26: 19)
وأضع روحي فيكم فتحيون، وأضع في أرضكم فتعلمون أنني أنا الرب، تكلمت وفعلت. (حزقيال 37: 1-4)
ومع ذلك، فقد كان عامة الشعب يعلمون أن ذلك ليس في أصل دينهم وأن المسألة لعبة سياسة، فعاملوا هذه الأفكار الجديدة بحسبانها غشا وتدليسا ودسا على يهوه، لذلك ظلت مثل هذه الأفكار موضع تحفظ من غالبية اليهود، وكانت محل رفض واستنكار من المتزمتين التقليديين، حتى مجيء المسيح، الذي كان تأكيده على فكرة البعث والحساب، من أهم حيثيات الحكم عليه بالكفران بدين يهوه، ومن ثم استحقاقه حكم الإعدام صلبا.
صفحه نامشخص