قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
قصة الأدب في العالم (الجزء الأول)
ژانرها
وبعد هذا كله، فلا ريب أن أظرف صورة للحياة في الهند القديمة إنما نجدها في كتاب «جاتا كا»
54 «قصص عن مولد بوذا»؛ وهي قصص مليئة بالفكاهة والحكمة العملية والشواهد المنتزعة من الحياة الشعبية في صميمها؛ فكما تستطيع أن تتصور الحياة في بغداد في عهد هارون الرشيد، من قراءة قصص «ألف ليلة وليلة» لا من المؤلفات التاريخية، فكذلك قصص «جاتا كا» تصور لك الهند القديمة في أسواقها وقوافلها، ومزارعها ومعسكراتها، ومصانعها ومعابدها.
وإلى جانب قصص «جاتا كا» توجد مجموعة أخرى عنوانها «بانكاتانترا»
55
ومعناها «المقالات الخمس»، فكثير من حكايات «إيزوب»
56
اليونانية المشهورة لها نظائر في هذه المجموعة الهندية. ومما يستحق الذكر أن هذا الكاتب اليوناني «إيزوب» صاحب الحكايات الخرافية قد نزل ضيفا في آسيا الصغرى على «كرويسس»،
57
فلعله وهو هناك قد تصيد حكاياته من نفس المعين الذي استقت منه مجموعة «بانكاتانترا» بعض حكاياتها. هذا إلى أن الحكايات الهندية الخرافية قد تسربت إلى العالم عن طريق الفرس في الزمن القديم.
وحسبك أن تعلم أن كتاب «كليلة ودمنة» المنقول من الفارسية إلى العربية فيه أبواب من «بانكاتانترا» وهي؛ باب الأسد والثور، والحمامة المطوقة، والبوم والغربان، والقرد والغيلم، والناسك وابن عرس. كما أن في هذا الكتاب قصصا من «الماهابهاراتا» التي تقدم ذكرها، وهي باب الجرذ والسنور، والملك والطائر فنزة، والأسد وابن آوى. فالظاهر أن الفرس جمعوا كتاب كليلة ودمنة من أصول هندية، ثم نقله ابن المقفع إلى العربية بعد أن حور فيه بما يتفق مع الذوق العربي الإسلامي.
صفحه نامشخص