(إذا كان بعضُ النَّاسِ سيفًا لدولةٍ ... ففي النَّاس بُوقاتٌ لها وطُبولُ)
أغفله أبو الفتح، ولم يفسره. قال الشيخ: ما كنت لأشرح ما أغفله، غير أني رأيت كثيرًا من المتَّسمين بالأدب والمتكلمين في ديوان هذا الرجل يعيبون عليه ويكثرون في هذا البيت، وينعونه، ويردون به عليه جهلًا منهم بمعناه، ومن جهل شيئًا عاداه، وغباوة منهم لأكثر معاني أبياته وقصور إفهامهم عن إدراك إبداعه، فشرحته ليرى به القادح فيه سقوطه وعجزه عن معانيه، وعساه يكفُّ عن الوقيعة في أعلام العلماء ونقيصة الفضلاء بضيق المعرفة وضعف الرأي، فما في العالمين أتمُّ نقصاُ من المنتقِّصين أولي الكمال. يقول الرجل: إذا كان بعض الناس، أي: غير سيف الدولة سيفًا لدولة إمامٍ نبغت فيها النوابغ، ونجمت فيها النَّواجم، وكثرت فيها الخوارج، وأعدَّت في الناس بوقاتٍ لتلك الدولة وطبول مناصبةٍ لها ومحاربةٍ، وقصدًا إليها وطمعًا فيها وأخذًا منها، ويعجز ذلك البعض الذي هو سيف تلك الدولة عن قمعهم وتفريق جمعهم، ويقصِّر عن تلافيها وتقديم الواجب فيها حتى يستولي عليها البغاة، ويأخذها الشُّراة، فتتلاشى في حيفها بكلالة سيفها، فأما معك يا سيف الدولة فلأنك تحفظها بمائها، وتحوطها من جوانبها وأرجائها، وتمضي دونها في أعناق أعدائها، فلا ينبغُ فيها نابغٌ إلا قسرته، ولا ينجم لها ناجم إلا قتلته أو أسرته، فلا يبقى لها مُناوئٌ مناصبٌ، ولا لطرفٍ من