وارتبك الضابط التركي وقال: «آه ... ماذا كان اسم صديق الإسكندر هذا؟»
ورد باربايني الذي كان ينصت للمحادثة: «بارمنيون.»
فصاح الضابط: «برافو أيها العجوز، كيف عرفت ذلك، والإنسان لا يلتقي بإسكندر الأكبر وهو يبيع السحلب؟»
فأجاب صديقي: «بل نعم، فجميع الناس في حاجة إلى أن يستدفئوا كما ترى!»
وراق الضابط هذا التلميح المزدوج المعنى، وترفق فتحدث معنا، ولكن في تلك اللحظة التقت نظرتي بنظرته فقال: «لقد رأيتك في مكان ما، ووجهك معروف لي.»
فأجبت - وقد علت الحمرة وجهي: «لقد كنا في نفس العربة مع مصطفى بك في القسطنطينية منذ خمس سنوات.»
إي والله، هذا حق، أنت الغلام الذي كان يبحث عن أمه ذات العين المفقوءة أيها البائس، لا بد أنك قاسيت الأمرين من هذا الشيطان اللعين.
قاسيت كثيرا ... لم أكن أعرفه.
ولكن هل يستطيع الإنسان أن يطمئن على هذا النحو إلى أول من يلقاه عندما يأخذ في مداعبة خدود طفل؟
وظل الضابط يتحدث إلينا وقتا طويلا، وكشف لي عن السوءات التي كان يرزح تحتها مصطفى بك، ثم اهتم بباربايني وتحمس لثقافته، وعند افتراقنا شد على أيدينا في حرارة ورجانا أن يقبل كل منا جنيها تركيا من الذهب قائلا: «إنه ليس بقشيشا، لكنه تقدير لحكمة العجوز ومحنة الشاب.»
صفحه نامشخص