مع الكثير من «عايزة أشوف أولادك قبل ما أموت!» ولا بد من بعض الدموع كذلك، على سبيل الابتزاز العاطفي حتى لا أعترض!
أنت تعرف كيف يتم ترتيب مثل هذه الزيجات فلن أصدع رأسك بالمزيد، خلال أسبوع انتهى كل شيء، ووجدتني أجلس في كوشة حفل الزواج وأضع خاتما على إصبعي، وبجواري امرأة لا أعرف عنها شيئا ترتدي فستان الزفاف وترقص بسعادة.
المسكينة!
في تلك المرحلة كانت كتبي تشغل غرفة كاملة، مئات الكتب تتراص من الأرض لسقف المكان، آلاف الكتب جمعتها طوال حياتي!
هناك قصة مشهورة عن «الزبير بن بكار»، كان يقضي وقته دائما في بيته وسط كتبه يقرأ ويكتب، قالت بعض النسوة لزوجته إنها محظوظة؛ لأنها تزوجت رجلا محترما لا تزوغ عينه إلى سواها، ولا يعود لها أنصاف الليالي برائحة عطر أنثوي أو بصمة أحمر شفاه على كتفه، فقالت المرأة غاضبة: والله إن هذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر.
الآن يمكنك أن تفهم شعور زوجتي وقتها، لا أستطيع أن ألومها حقا، كنت أقضي كل يومي بين عملي في الجامعة، أحاضر الطلاب عن اقتصاد السوق الحر، ونظريات جون كينز، وعندما أعود للمنزل أغلق على نفسي باب مكتبتي وأنهمك في القراءة، لا أخرج منها إلا ليلا فأجدها قد نامت وتركت لي الطعام على طاولة الصالة، في النهاية لم تعد تطيق كل هذا فطلبت الطلاق، وتطلقنا بسرعة وهدوء.
لم يكن الأمر محزنا بالنسبة لي، في الواقع نسيت كل شيء عن زوجتي بعد يومين، لم أشعر بغيابها لأنني لم أشعر بوجودها سابقا، أخرج للعمل صباحا وهي نائمة وأعود للفراش ليلا وهي نائمة كذلك، لم أكن أتذكرها بعد انفصالنا إلا عندما تصرخ أمعاء بطني، فأخرج من المكتبة ولا أجد شيئا آكله في الخارج، أفتح الثلاجة فأجد بعض الخبز الجاف أو وجبة ظلت هناك لعدة أسابيع تحل المشكلة وتخرس معدتي. جربت أن أتعلم الطبخ لكنني اكتشفت أنه مضيعة كبيرة للوقت، هل جربت أن تقضي قرابة الساعة لتطبخ شيئا تأكله في دقيقتين يا حضرة المحقق؟
ربما تتفق معي أنه ليس التصرف الأكثر ذكاء في العالم، ومضيعة كبيرة للوقت، دعك من قناعتي بأن أي دقيقة أقضيها في شيء غير القراءة هي وقت ضائع بالنسبة لي، فلم يكن لدي وقت لعادة سخيفة كالأكل.
ثم اكتشفت الحل السحري فجأة، كان هذا الحل دكانا صغيرا يسمى «مطعم العائلة»، الآن هذا حل ممتاز يوفر لي طعاما على مائدتي بدون تضييع وقتي في الطبخ، والأجمل أنه لا يطلب مني اهتماما خاصا أو يهددني بالطلاق. اتفقت مع صاحبه على أن يجلب لي طلبات محددة كل يوم في وقت معين، ويعلقها على باب الشقة من الخارج، ونقدته ماله مسبقا.
هناك مشكلة أخرى لاحت لي، لا أعرف ما الحكمة من اتساخ الملابس وغسلها باستمرار، سمعت من قبل عن تكنولوجيا النانو التي سيضيفونها للملابس فلا تتسخ على الإطلاق مهما تطاول زمن ارتدائك لها، وإنني أحسد أولئك المحظوظين الذين سيعيشون في ذلك العصر.
صفحه نامشخص