وشعر جرجي بالخزي والعار لقلة إيمانه ولقتله علنا أمام إخوانه المسحيين ثانيا، فاخرج مدية من تحت ملابسه وضرب بها نفسه.
وجاء آخر النهار فذهب الحرس إلى الزير فلم يجدوا به ماء ولكنهم وجدوا جرجي مقتولا مضرجا بدمه إلى جانب الزير.
فذهبوا إلى القاضي وقالوا وهم يتعجبون: «لقد تمت المعجزة ولكن جرجي قد قتل نفسه». •••
وعندما اختلى القاضي بزوجته أخذ الاثنان يتناجيان الحديث عن حوادث ذلك اليوم المشئوم قال القاضي: «لقد كان قليل الإيمان؛ فقد كان الزير مكسورا فلا بد أن الماء كان سيرشح إلى الأرض ويذهب فيها، ولكنه كان قليل الإيمان قليل الصبر».
ثم أخذ يبكي.
ولم تزد هذه المعجزة المسيحيين سوى زيادة تشبثهم بإيمانهم، ولكن الوثنيين زادوا أيضا تمسكا بإيمانهم وتعلقا بأموالهم.
في أدب الزنوج
القصة التالية من القصص المنظومة التي يتغنى بها المنشدون الجائلون في بلاد الزنج الواقعة بين نهر النيجر وبين الصحراء الكبرى الغربية الإفريقية، فإذا دخل المنشد القرية انعقد حوله سامر وأخذ يقص على المجتمعين أقاصيص النجدة والبسالة التي يتصف بها أبطال الزنج.
ويرى القارئ في هذه القصة أن الزنج يشتركون وسائر الأمم في تلك الأحدوثة القديمة التي كنا نسمعها ونحن أطفال عن ابن الملك الذي يهجر أباه ويتزوج من ابنة ملك آخر ويظفر في القتال وما إلى ذلك. قال:
كان سمبا جبانا، وكان منذ طفولته إذا رأى أحدا يرفع يده يصيح من الخوف، وكان إذا صرخ في وجهه أحد جرى منه مرعوبا، ونشأ على هذه الحال حتى صار رجلا، وأعطاه أبوه فرسا وسائسا وعين له أيضا منشدا لكي يقص عليه الأقاصيص ويؤدبه، وكان جميع الناس يحتقرونه لجبنه، فقالت أمه لمؤدبه: «جميع الناس يسخرون من ابني فهل لك من سبيل إلى إصلاحه؟».
صفحه نامشخص