فلم يجبه أحد مع تكراره وإلحاحه، ومضى الليل وصاحت الديكة، وليس فيهم من يعرض لأخذ هذا النقد الزائد، وبدأ الاكتئاب عليهم جميعا لهذا الحادث الذي نتج عن سوء التقدير، وأخيرا عرض عليهم رب البيت أن يقترح عليهم اقتراحا ويدعوهم إلى قبوله، ثم سألهم هل يوافقونه؟ فوافقوه جميعا.
فقال: «انظروا إلي الآن، فإني سأضع هذا النقد في صندوق الكعك، وسأضع الصندوق بجانب البئر عند باب الجنينة، وستخرجون أنتم وتذهبون إلى دوركم واحدا بعد الآخر، وكلما يخرج واحد منكم من الجنينة يقفل الباب وراءه، ولن يتحرك أحد منكم من هنا حتى نسمع صرير الباب وهو يقفل، فيمكن للشخص الذي دفع النقد الزائد أن يأخذه من الصندوق ويذهب إلى بيته».
ووضع النقد في الصندوق بجانب البئر، وخرج الضيوف فرادى، الواحد بعد الآخر، ولما خرجوا جميعا ذهب صاحب الحفلة وزوجته فحصا الصندوق فلم يجدا فيه النقد.
فمن هو الذي أخذه؟ ليس أحد يعرف ذلك، ولكن بدهي أن الرجل الذي وضعه قبلا لكي ينجى ذلك الضيف الآخر من القتل هو الذي أخذه، وإنما سلكوا جميعا هذا السلوك؛ لأنهم كانوا من رجال الحرب الأشراف من ذوي الخلق العظيم، الذين يعرفون واجباتهم وتبعاتهم، وكانت لهم على الرغم من فاقتهم شجاعة وإيمان بمبادئ شيعتهم الساموراء.
تاغورى
لمحة في شاعر الهند
دعنا من شعرائنا وما قالوه من مديح ورثاء وهجاء، وقصائد الاحتفالات، وأشعار ترتب على البحر والقافية كأنما قد قدمت بحساب، ولننظر الآن قليلا في شاعر الهند تاغورى، عسانا نجد فيه بعض ما يرفه عن النفس، ويبعث عن الأمل ويحرك فينا خاطر الاقتداء الشريف بمن يعد الآن في مقدمة شعراء العالم بشهادة أدباء أوروبا أنفسهم.
وقبل أن أترجم للقارئ بعض مقطوعاته أقول: إنها قد ترجمت للإنجليزية نثرا ولم تترجم نظما، وليس ذلك إلا لأن النثر يؤدي المعنى أكثر مما يؤديه النظم، ولذلك آثرت الترجمة بالنثر مع علمي بوجود بعض هذه المقطوعات منظومة في العربية، ولكن نظمها لا يرضي من يتوخى الدقة ومطابقة الأصل.
قال تاغورى:
عندما انتصف الليل قال رجل قد أزمع أن يشرع في حياة النسك: «هذا هو الوقت لكي أترك بيتي وأنشد ربي، آه، من هذا الذي ربطني بهذا الباطل طول هذه المدة؟».
صفحه نامشخص