ويرى البعض أن هناك أسبابا قبلية وتعصب لفئات وأشخاص وليس اختلافهم لمصلحة الإسلام ورغم عدم تسليمنا بل وإنكارنا لهذا القول إلا أنه ليس هناك دليل شرعي ولا عقلي يمنع من هذا فالصحابة يعتريهم ما يعتري سائر البشر، فقد ذهب البعض من المؤرخين إلى أن تجمع الأنصار كان لمصلحة القبيلة وأن افتراق الأوس عن الخزرج وانضمامهم إلى المهاجرين كان أيضا نتيجة للتنافس القبلي بين الأوس والخزرج وأن بيعة أبي بكر كانت على أساس قبلي لصرف الأمر عن بني هاشم حتى لا تجتمع لهم النبوة والخلافة وأن تجمع بني هاشم كان كذلك تجمعا قبليا، ورغم عدم قناعتي بهذا كله إلا أنني أعقل حدوث مثل هذا، وله دلائل كثيرة في السيرة النبوية من اختلاف المهاجرين والأنصار يوم المريسيع واختلاف الأوس والخزرج في قصة الإفك وإخبار العباس للنبي (صلى الله عليه وسلم) بانقباض وجوه الناس عن بني هاشم ونحو ذلك، فالأمر -وإن كانت دلائله فيها ما فيها- لكنه لا يجوز اتهام من يراه بأنه يريد الطعن في الصحابة وتشويه صورة الجيل الأول000الخ خاصة وأن جمهرة من العلماء المتقدمين والمتأخرين من محدثين وفقهاء ومؤرخين تتردد في كتاباتهم مثل هذه التقريرات.
لم أجد أحدا من المهاجرين -غير هؤلاء الثلاثة- كان في سقيفة بني ساعدة يوم بيعة أبي بكر، فكان أصحاب السقيفة كلهم من الأنصار باستثناء هؤلاء الثلاثة فكانوا من كبار المهاجرين.
الحديث -حديث التبشير بالجنة- من رواية سعيد بن زيد وقد صححه بعض العلماء ولي مع معنى الحديث وقفة ليس هنا مكانها.
فقد أسلموا قبل الأنصار بأكثر من عشر سنين فهم ألصق بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وأولى بتصريف أمور الناس من بعده، مع ما لهم من الفضل والعلم والهجرة التي لا تنكر.
صفحه ۵۳