وكان إنكار النبي (صلى الله عليه وسلم) أو موقفه من الخلاف يمثل عند الصحابة الموقف الشرعي فينقاد المؤمن لهذا الحكم ويعرض عنه المنافق أو الذي في قلبه مرض. أما بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وسلم) فلم يكن أحد بمكانة النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى تصفو القلوب لحكمه لأن الصحابة المختلفين سواء في السقيفة أو غيرها، لم يكونوا يرون شرعية مطلقة لموقف فلان من الصحابة وإنما الشرعية لأحكام الإسلام ونصوص الشريعة التي يختلفون في العلم بها وفهمها ونحو ذلك، فلذلك استمر الخلاف، فإذا عقلنا هذا المعنى الدقيق عقلنا كثيرا من أسباب الاختلاف الأولى وكان للاختلاف -بعد النبي (صلى الله عليه وسلم)- أثر على الأمة بعكس الاختلاف في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي حسم بموقف النبي (صلى الله عليه وسلم) نفسه وهذه مسألة لم أجد من انتبه لها من قبل ولعل هذا من فتح الله على عبده الضعيف الفقير إليه.
والخلاصة أن الأصل في المجتمعات ألا يخلو منها الاختلاف والتناقض، بل يصبح هذا الاختلاف صحيا إذا بقي في دائرة السلم والاجتهاد، أما إذا كان الاختلاف طريقا لتفرق المسلمين وتنازعهم وتكفير بعضهم بعضا أو تبديع بعضهم بعضا فإنه يصبح مذموما.
صفحه ۴۰